حسن صقر.. مسيرة غنية تنتهي بعيداً عن العدسات
نجوى صليبه
كثيرون هم الأدباء المغيبون أو الغائبون، وربما المعتكفون ـ لأسباب عدّة ـ الذين يرحلون بعيداً عن عدسات المصوّرين.
حسن صقر شاعر ومترجم، شيّعه بعض الأصدقاء على حساباتهم الشّخصية على وسائل التّواصل الاجتماعي، يوم رحيله الأربعاء الفائت بعد معاناة مع المرض، تقول الشّاعرة نور نديم عمران: “ذلك “الضوء الخافت” لم يكن “احتفالاً تحت الثلج” في بداية سنة ميلادية جديدة، أو “بعودة الرجل الغريب” من “جبل الشوح”، تلك “الصورة” لم تكن “لرجل الذهب”، بل “لمستعمرة الشتاء” التي أنبأت عن “الموت في المدينة”.. لساعة تقريباً تحدّثنا ميساء وأنا، ليلة أمس، عن صاحب تلك المجموعات القصصية.. حدثتني عن فلسفته في الحياة، عن ذكرياتها مع أبيها وشراكتهما الجميلة في الإبداع والترجمة، وعن مرافقتها له في مرضه في الفترة الأخيرة.. كانت ميساء “أم أبيها” تماماً، كما وصفها لي والدها في محادثاتنا الأخيرة، عندما كان ينتظر عودتها من ألمانيا بفارغ الصبر.. نهار أمس اتفقنا على لقاء قريب بعد مغادرته المشفى، لكن الموت كان أقرب من موعدنا”.
أمّا الزّميل علي الراعي فقال: “قصص وروايات، تأليفاً وترجمة، كثيرة كان دوّنها الأديب حسن صقر ضمن مشروعٍ إبداعي لن يقف عند الرواية تأليفاً، بل كان له وجه آخر في الترجمة.. مشروع إبداعي ثرّ بما يليق بقامة إبداعية أنجزت مشروعها من دون جلبة أو استعراض، واليوم يرحل بكلّ هدوء”.
في قرية عين شقاق، مدينة جبلة في محافظة اللاذقية، ولد حسن صقر وتعلّم، ثمّ حصل على إجازة في الجغرافيا، ودبلوم في التّربية من المعهد العالي للمعلمين من جامعة دمشق، كما نال دبلوماً في اللغة الألمانية وآدابها من جامعة برلين، واشتغل بعدها مدرساً لمادّة الجغرافيا في عددٍ من الثانويات في سورية، كما عمل موجّهاً اختصاصياً للعلوم الاجتماعية، ثمّ أصبح لاحقاً مدرساً للغة الألمانية بجامعة تشرين في مدينة اللاذقية.
ترجم صقر العديد من الكتب الفلسفية عن نسخها الأصلية، نذكر منها “البطل ذو الألف وجه” الذي عُدّ أول كتاب يجمعُ بين الرؤى الروحية والنفسية للتحليل النفسي الحديث مع النماذج الأصلية للأساطير العالمية، و”قوّة الأسطورة” الذي صدر بنسخته الأصليّة غير المترجمة أول مرة في عام 1988 عن دار “أنكور” للنشر والتوزيع، وهو من تأليف “جوزيف كامبل”، وكتاب “فريدريك نيتشه ـ مقاتل من أجل الحرية” وهو من تأليف “شتاينر رودولف” الذي التقى نيتشه في عام 1889، وكان “رودولف” مفتوناً بأسلوب “نيتشه”، لكنه لم يتفق معه في بعض الجوانب، وعلى الرغم من ذلك فقد اعترف بتفوقه الروحي، ووصفه بالمقاتل من أجل الحرية ومن هنا جاء عنوان كتابه الذي يعدّ نقطة انطلاق أساسية نحو فهم الأنثروبولوجيا.
“الأسس العقلانية والسوسيولوجية للموسيقا”، كتاب آخر ترجمه صقر ـ عن الكتاب الأصلي الذي صدر في الأول من كانون الثاني في عام 1958ـ وصدر عن “المنظمة العربية للترجمة”، ويتناول الكتاب الموسيقا من منطلق سوسيولوجي.
في عام 2012 صدر للراحل رواية “شارع الخيزران”، وأتبعها في عام 2014 برواية أخرى هي “البحث عن الظلام”، ومن ثمّ “طائر الرحيل” الصّادرة كما سابقاتها عن دار “الحصاد” للنشر والتوزيع.