التغيير المطلوب؟
طلال ياسر الزعبي
مثّلت فكرة المشاركة في الانتخابات الحزبية المرتقبة عنواناً رئيسياً في خطاب الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي الرفيق بشار الأسد الذي أولى الجانب التنظيمي عشرين دقيقة من حديثه، أكد خلالها أن الهمّ الحزبي حاضر دائماً في ذهنه، وأنه يقف على مسافة قريبة من القضايا الحزبية الملحّة المطروحة للنقاش، وخاصة التركيز على ضرورة إفساح المجال واسعاً للقواعد والكوادر الحزبية لممارسة دورها بشكل حرّ وديمقراطي لاختيار مرشّحيها لقيادة الحزب.
الأمين العام للحزب تحدّث عن القواعد الحزبية التي يتعيّن عليها أن تكون واعية لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها فيما يخص مرشحيها للانتخابات، لأن هذه القواعد ستتحمل مسؤولية اختيارها للقيادات المرتقبة، ومن هنا كانت الصورة التي ظهرت في اجتماع اللجنة المركزية واعدة ومبشّرة بتغيير كبير على مستوى الحزب والدولة، وهذا ليس بعيداً عن حزب له تاريخه الطويل والعريق في الممارسة الديمقراطية، ويمتلك من المرونة والديناميكية ما يؤهّله ليقدم للداخل والخارج مشهداً متقدّماً في ممارسة العملية الديمقراطية بعيداً عن التعيين الذي كشف عن مجموعة من علامات الاستفهام في المرحلة السابقة.
وقد طرح الرفيق الأسد فكرة الانتخابات بدلاً من مسألة التعيين التي كانت سائدة ليتيح للشريحة الكبرى من الرفاق الحزبيين ممارسة دورها الكامل والصحيح في العملية الديمقراطية، وهذا الأمر مرهون بمدى وعي الكادر الحزبي لأهمية الانتخابات في اختيار الرفاق ذوي الكفاءة والخبرة بعيداً عن المؤثرات الأخرى التي يمكن أن تتيح المجال لوصول البعض إلى مواقع المسؤولية باستخدام المال الانتخابي الذي أكّد أنه لن يقود في المحصّلة إلى أيّ نوع من الإصلاح، وهذا يقتضي بثّ الوعي في صفوف القواعد الحزبية بأن أصواتها هي الأساس في تنقية الحزب من الشوائب التي علقت به، فضلاً عن أن اختياراتها هنا ستكون صورة مصغّرة لما سيكون عليه الوضع في اختيار مسؤولي المجتمع والدولة، إذ لا يمكن أن نصل إلى الإصلاح على مستوى الدولة دون إدراك أهمية الانتخابات، لأن الاستمرار في الآلية السابقة سينتج تقليدياً الأشخاص ذاتهم الذين تم إنتاجهم سابقاً، الأمر الذي سيعيدنا إلى المربّع الأول.
ومن هنا، يتعيّن على الجميع تحديد الصورة الجديدة التي ينبغي أن يكون عليها الحزب في المرحلة المقبلة من خلال انتخاب الأشخاص ذوي الكفاءة والخبرة والنزاهة الذين تقع على عاتقهم قيادة المرحلة المقبلة، وبالتالي إحداث تغيير على مستوى الفكر والآليات بما يتناسب مع حجم الهموم التي يعانيها الشارعان السوري بشكل عام، والحزبي بشكل خاص، وهذا لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال الالتزام بمخرجات الحوار الذي جرى على مستوى القواعد والكوادر الحزبية، ووضع مخرجات اجتماع اللجنة المركزية الأخير على سكة التنفيذ.
وبالنتيجة، ينبغي على الجميع أن يبذل كل ما هو ممكن لإنجاح هذه العملية وإيصالها إلى المستوى الذي يمكن أن يحقّق التطوير في عمل المؤسسات الحزبية، وبالتالي إحداث تغيير على مستوى الدولة والمجتمع يساهم في حل جميع المشكلات والعوائق، ويعمل على نهضة سورية مجدّداً وترسيخ صمودها في وجه الاستهداف الخارجي.