“المركزي” لضبط إيقاع الدولار.. وقرار “استخدام قطع التصدير لتمويل استيراد المواد الأولية” يؤكد صوابية مساره
دمشق – مادلين جليس
مرة أخرى يحاول مصرف سورية المركزي عدم تسليم ذراعه، فالتجارب السابقة كشفت حالة عدم وثوقية تجاه عدد كبير من التجار الذين أثبتوا وبالبراهين، اقتناصهم فرص استغلال القرارات الحكومية لتكويم أرباحهم على حساب الاقتصاد الوطني، ليجد المصرف المركزي نفسه متأهّباً للتدخل بين الفينة والأخرى، ودوزنة بعض القرارات محاولاً ضبط إيقاع دولار التجارة الخارجية في كل حركة وكل تداول ضمن أطر رسمية وقانونية تضمن عودة الدولار لخزينتها، وأمام تلك المحاولة لا يسعنا إلا انتظار النتائج على أمل نجاحها، وخاصة بعدما سبقها من سلسلة قرارات حول الموضوع ذاته، قوبل بعضها بالرفض في حين استحسنت قرارات أخرى.
وعلى ما يبدو فإن إشكالية التصدير، وآلية الرقابة عليه وعلى ما يتبقى منه، والتي لم تتوقف منذ السنوات الأولى للحرب، بدأت بالتلاشي اليوم، فالقرار الذي أصدرته لجنة إدارة مصرف سورية المركزي – والذي سمحت بموجبه للمصدّرين الصناعيين باستخدام القطع الأجنبي الناجم عن عائدات صادراتهم لتمويل مستوردات المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج لمنشآتهم التي يصدّر من إنتاجها – استطاع أن يقع موقع الاستحسان لدى الصناعيين الذين أعربوا عن تفاؤلهم بنتائجه، خاصة وأن هذا القرار يضاف لجملة القرارات المتضمنة في سلة الدعم الحكومي للإنتاج المحلي على اختلاف مراحله. وبحسب الصناعي النسيجي مهند دعدوش، فإن كل الإضافات التي ألحقت بهذا القرار منذ بدء العمل به عام ٢٠١٩، كانت إيجابية جداً، مشيراً إلى أنه وفي كل مرة يكون التعديل أفضل من السابق، ويحقق إيجابية أكبر للصناعيين وللاقتصاد عموماً.
ورأى دعدوش أن من شأن هذا القرار لعب الدور الإيجابي من خلال تقديم التسهيلات للصناعيين المصدّرين، وتخفيف المصاريف والأعباء التي تقع على كاهلهم، وبالتالي سينتج عنه تشجيع التصدير وما يلحقه من زيادة الإنتاج والصناعات المحلية.
ولم ينسَ دعدوش الإشارة إلى الإيجابية الأهم، كما وصفها، وهي تخفيف الفرق بين سعر صرف السوق السوداء وسعر دولار التصدير، فهو أيضاً عامل مشجع للصناعيين المصدّرين للاستمرار في صناعاتهم وفي تصدير بضائعهم للخارج لتسجّل حضورها في الأسواق العالمية.
كما طالب دعدوش بإلغاء المؤونة وهي نسبة الـ5% التي تؤخذ من الصناعي عند التصدير، فالقرار وجد لإعادة قطع التصدير للبلد، وبغرض تأمين الدولار للاستيراد، لكن المؤونة التي تأخذ من الصناعي المصدّر بالليرة السورية، فهي وكما وصفها دعدوش غير ذات فائدة وليس لوجودها أي مبرر، ولا يمكن أن تُعتبر ضماناً عن الصناعي، فهو مضمون من خلال منشأته وآلاته، وإنتاجه.
وأشاد الصناعي بتحديد المدة بمئة وثمانين يوماً، واعتبرها أمراً إيجابياً آخر يضاف للقرار، فالمدة التي حُدّدت في السابق وكانت عبارة عن 90 يوماً، كانت قاتلة للمصدّرين، أما المدة الجديدة فهي إيجابية جداً كما رأى.
يُذكر أن مصرف سورية المركزي كان قد أعاد في أيلول ٢٠٢١ العمل بقرار تعهد إعادة قطع التصدير بنسبة ٥٠٪ من قيمة البضاعة المصدّرة إلى المصرف، وذلك وفق نشرة المصارف والصرافة مضافاً إليها علاوة تحفيزية يحدّدها المركزي يومياً.