تداعيات الحرب ضاقت واستكملت حلقاتها على نتنياهو
د.معن منيف سليمان
ضاقت تداعيات الحرب التي يشنّها الكيان الصهيوني على قطاع غزّة، واستكملت حلقاتها على رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، بسبب عدم تحقيق أيٍّ من الأهداف المعلنة لحربه العبثية، واستعرت الخلافات داخل الحكومة نفسها التي قد تؤدّي في نهاية الأمر إلى تفكيك الائتلاف الحكومي، حيث شهدت الساحة السياسية والحزبية في الكيان تحرّكاتٍ تهدف للإطاحة بنتنياهو ، وتشكيل حكومة بديلة قد تغيّر مسار الأحداث.
بعد أكثر من ثلاثة أشهر من العدوان لم يحقق جيش الاحتلال الصهيوني أيّاً من أهدافه في قطاع غزّة حتى الآن، حيث إن قدرات المقاومة العسكرية ما زالت موجودة، وقيادتها العسكرية حيّة وتعمل بحرية، وأغلبية الأنفاق لم يتم تدميرها، ولا يزال نصف المحتجزين الإسرائيليين بالقطاع، بالتوازي مع تصاعد حدّة العمليات في الجبهة الشمالية مع حزب الله الذي أدّى إلى إفراغ المستوطنات الشمالية من سكانها، إضافة إلى إغلاق الجيش اليمني البحر الأحمر أمام الملاحة الإسرائيلية التي أدّت إلى تعطل ميناء “إيلات” الذي أصبح البديل عن موانئ الاحتلال على البحر المتوسط.
كذلك تعرّض نتنياهو منذ معركة طوفان الأقصى في السابع من تشرين الأول الماضي، لانتقادات كثيرة على لسان المعارضة والمسؤولين والعسكريين السابقين، الذين اتهموه بالإخفاق في إدارة الحكومة والحرب على قطاع غزّة. ويتبادل المستوى السياسي والعسكري في الكيان الاتهامات بشأن هذا الإخفاق وطريقة إدارة القطاع فيما يسمّى “اليوم التالي للحرب”، إذ أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن التقاعس السياسي في قضية اليوم التالي “يُقيّد نشاط الجيش ويُلحق الضرر بإنجازاته”.
وتعمّقت الخلافات داخل مجلس الحرب الإسرائيلي، بسبب امتناع “نتنياهو” عن مناقشة “اليوم التالي للحرب”، وذلك أن “نتنياهو” حظر رئيس الموساد، “ديفيد بارنياع”، ورئيس الشاباك، “رونين بار”، من الانضمام في حوار عملياتي أو عسكري مع وزير الحرب غالانت، وكان “نتنياهو” قد عارض مشاركتهما أيضاً في حوار سابق يتعلّق بملف المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزّة، فضلاً عن حظرهم عن الانضمام إلى حوار خاصٍ بقضايا عملياتية أمنية حسّاسة. هذه الخلافات الحادّة دفعت المستوى السياسي في كيان العدو إلى ترجيح ألا تصمد حكومة الطوارئ الحالية طويلاً وأنها على وشك التفكّك والانهيار.
ويعدّ ذلك الانهيار بمنزلة الدقاّت الأولى لساعة الانتخابات الجديدة التي ستطيح بـ”نتنياهو” الذي بات يعاني بشكل حادّ من تداعيات الأزمة الداخلية الإسرائيلية، وخاصّة أن الشارع الصهيوني قد قلب ظهر المجنّ عليه، حيث أكدت استطلاعات الرأي تراجع حزب الليكود مقابل صعود معسكر الدولة بقيادة “بيني غانتس”، وأن 64 بالمئة من قطعان المستوطنين غير راضين تماماً عن أداء رئيس الوزراء، وأنه لا ينبغي له البقاء في السلطة بعد انتهاء الحرب على قطاع غزّة.
ويتظاهر آلاف الإسرائيليين أسبوعياً في كل أنحاء “إسرائيل”، للمطالبة باستقالة الحكومة الحالية برئاسة “نتنياهو” وإجراء انتخابات مبكرة. هذه التحرّكات يقودها رئيس حزب “إسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان الذي رفض الانضمام إلى حكومة الطوارئ أو مجلس الحرب، وسوّغ ذلك بأن نتنياهو يوظّف الحرب لأهدافه الشخصية والسياسية، من أجل البقاء على كرسي رئاسة الوزراء، حيث دعا لتنحية نتنياهو عن رئاسة الليكود، وأبدى استعداده للانضمام لأية حكومة لا تشمل “نتنياهو”.