“شتاء صحراوي” يؤثر على المنطقة والعالم حتى نهاية 2025
دمشق- حياة عيسى
ملامح غير واضحة لفصل الشتاء في عامنا الحالي، فمنذ دخولنا الفصل في 21 كانون الأول ونحن ما زلنا نترقب المعهود والمعروف من انخفاضات في درجات الحرارة والهطولات المطرية والعواصف التي باتت غائبة تماماً، وكأننا نشهد “شتاء صحراوياً” بامتياز. هذا ما أكده رئيس الجمعية الفلكية السورية الدكتور محمد العصيري في حديثه لـ”البعث” والذي أوضح فيه أننا فعلاً بشتاء صحراوي تكبر فيه فروق درجات الحرارة ما بين الليل والنهار، ولكن بالمجمل ما زالت الحرارة أعلى من معدلاتها، أي أننا لم ندخل فصل الشتاء الفعلي بأمطاره وثلوجه وخصائصه وكل معالمه الشتوية المعهودة في منطقتنا، ويعود سبب تلك التأثيرات البيئية الكبيرة إلى ما يعرف بظاهرة “الاحتباس الحراري والنينو”، فالاحتباس الحراري هي نسبة كمية غاز ثاني أكسيد الكربون والمتان المنتشرة في الجو والتي يضخّها الإنسان من خلال المعامل والمصانع، وكلها تشكل طبقة تضاف إلى طبقات الغلاف الجوي وهي التي تسبّب احتباس أشعة الشمس ولا تسمح لتلك الأشعة بالعودة إلى الفضاء الخارجي، وبالتالي تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض، وهو ما حصل منذ الثورة الصناعية حتى يومنا هذا، أما بالنسبة لظاهرة النينو والتي تتمثل بارتفاع درجة حرارة مياه البحار والمحيطات القريبة من خط الاستواء، وهذه الظاهرة ليست جديدة ولكن التفاعل ما بين ظاهرة النينو والاحتباس الحراري، فالتفاعل المتبادل ما بين الظاهرتين جعل من عام 2023 و2024 وصولاً إلى عام 2025 ذروة ظاهرة النينو، وخلق سنوات غريبة، وتمّ ملاحظة اختفاء فصلي الربيع والخريف على حساب تمدّد فصل الصيف وتغير طبيعة الشتاء حيث أصبح صحراوياً قليل الأمطار.
وتابع العصيري أن عام 2025 يعتبر ذروة ظاهرة النينو، ومن المتوقع أن نشهد شدة الاضطراب المناخي العالمي لتبدأ الظاهرة بالتناقص بعد العام المذكور والعودة إلى مشكلة الاحتباس الحراري بمفردها، ويعود الوضع بشكل نسبي لما كان عليه سابقاً، فبالنسبة لسورية هي بالمنطقة الأقل تأثراً بالاحتباس الحراري لسببين كونها بقلب العالم بعيدة عن خط الاستواء وعن القطبين، بالإضافة إلى أن نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون والمتان في الغلاف الجوي نسبة قليلة جداً، ولكنها تعتبر على حواف المشكلة أو الكارثة الطبيعية، ورغم ذلك هناك تأثر ملحوظ بتلك التغيّرات المناخية.
لذلك لا بدّ من المسارعة والتكاتف العالمي لضبط ظاهرة الاحتباس الحراري من خلال زيادة الغطاء النباتي والعمل على عودة رئتي دمشق “الغوطتين” إلى وضعها الطبيعي والاهتمام بالغطاء النباتي، بالتزامن مع العمل بمعاهدة باريس للمناخ للحدّ من التلوث، ومنع الدول التي تطلق كميات كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكربون من ممارساتها الخاطئة وضبط الموضوع والتحول تدريجياً إلى الطاقات البديلة.