الجدران قماش لوحاته.. علي جروان: يجب أن نصل إلى الجميع
ملده شويكاني
تصارع مع اللون وخرج منتصراً، ولاسيما في لوحاته التي اعتمد فيها على تدرجات اللون الواحد، فرسم الحمام الزاجل لينقل الرسائل بين الفلسطينيين في الداخل وبلاد الشتات، ورسم شقائق النعمان وأشجار البرتقال والبيوت المتلاصقة وقبة الصخرة والأنثى الفلسطينية، ولم يقف عند صرخات الأطفال والمجازر فقط، بل جسّد بطولات الفدائيين الفلسطينيين، فاختزلت لوحته بدلالاتها مراحل نضال القضية الفلسطينية كغيره من الفنانين الفلسطينيين، وفي أحداث غزة كان السّباق، فشارك في جداريات طوفان الأقصى، وأقام معرضاً فردياً في مخيم دنون وهو ابن المخيم، بالإضافة إلى الوقفات التضامنية التي أقامها اتحاد الفنانين التشكيليين في سورية واتحاد الفنانين التشكيليين الفلسطينيين.
في جنوب لبنان
بدأنا الحديث مع الفنان علي جروان من مشاركته بجدارية في جنوب لبنان- كفركلا، على الجدار الفاصل بين فلسطين والجنوب المنتصر، فقال: “كنتُ ممثل فلسطين مع مجموعة من الفنانين من مصر والجزائر وسورية والعراق وإيران ولبنان، وأفتخر بأنني شاركت بهذه الجدارية المهمّة التي تعدّ تحدياً للكيان الصهيوني الغاصب بأن نكون على الجدار الفاصل، وعملنا على تجسيد حالة فنية راقية لصور المقاومة، وكانت بعنوان “نصر من الله وفتح قريب”، كما شاركتُ مع مجموعة من الفنانين السوريين والفلسطينيين في أكثر من جدارية نفّذت في دمشق، منها جدارية طوفان فلسطين بإشراف الفنان محمد الركوعي، ومنها جدارية في السيدة زينب كلها تنضوي ضمن طوفان الأقصى، وبالتأكيد نحن أصحاب قضية، والمفترض أن يكون الفنان حاضراً في كلّ الأماكن والأحداث حتى يجسّد حالة المقاومة والنصر التي نراها اليوم وتحديداً في غزة، والمقاومة التي نفتخر بها، ومن خلال الجداريات التي نفذناها في دمشق نطلق رسالتنا إلى كل العالم بأن الشعب الفلسطيني موجود ينتصر ويشيع شهداءه، ولأنّ الفن لغة عالمية يفهمهما كلّ البشر نعمل على إيصال صوتنا وصوت أبناء فلسطين من خلاله، وفي أغلب الأحيان يصل صوتنا وتتعاطف أغلب شعوب العالم مع القضية الفلسطينية ومع ما يحدث في غزة اليوم”.
في شارع يافا
ثم توقفتُ معه حول معرضه الذي أقامه في مخيم دنون على جدران شارع يافا مقابل منزله بعنوان “في غزة تكتب ملحمة”، فحدثنا: “توخيتُ أن يكون في الشارع، فأنا من أنصار أن نكون مع كلّ فئات المجتمع وشرائحه، وخاصة الأطفال واليافعين، كي يأتي الجميع إلى الشارع ويرى كل الناس أعمالنا، ولاسيما أن كثيراً من الأشخاص غير قادرين على الذهاب إلى صالات العرض ورؤية اللوحات النابضة بفلسطين، وقبل هذا المعرض أقمتُ معرضاً على سطح منزلي ولاقى الكثير من الإعجاب لوجود الفنّ والفنان في أيّ مكان، ما شجعني على إعادة التجربة بشكل أوسع على نطاق الشارع بمعرضي الذي أحيي فيه أهلنا في غزة، ولا أستطيع أن أصف شعوري بالسعادة حينما رأيتُ كل الفئات العمرية، نساء ورجالاً، وخاصة الأطفال واليافعين، وهم يتعرفون إلى قوة الفنّ التشكيلي في المعركة الحالية.
القضية الفلسطينية والأطفال
يتابع جروان: “أتوقف عند الأطفال الذين رأوا المعرض، وكانوا يسألونني عن تفاصيل لوحة ما وماذا تعني، وهذا أمر جميل جداً وهادف، فكنت بأسلوبي أوصل الفكرة لهم حتى تتكوّن وتحفظ بذاكرتهم وتبقى القضية الفلسطينية حاضرة بمخيلتهم”، مضيفاً: “بالتأكيد لن يكون هذا معرضي الأخير في الشارع، فأنا مستمر بهذا المسار، وربما يكون في أماكن أخرى، وحالياً أدرس هذا الأمر وأفكر بكيفية الوصول إلى أبعد مكان في سورية لإقامة معرضي هناك في الشارع أو في أي مكان آخر، وأتمنى أن نكون قادرين على حمل عبء المسؤولية ونكون رديفاً لأخوتنا الفدائيين الذين يسطّرون أروع ملاحم البطولة والفداء في فلسطين، ونعمل على توثيق هذه الحالة التي بالتأكيد تؤثر على الكيان الصهيوني الغاصب”.