معايير مزدوجة على أغلفة “الإيكونوميست”
تقرير إخباري
ماذا لو ساهمت الصين في انبعاثات الكربون؟. هذا يعني أن الصين هي “أسوأ ملوّث في العالم” وتشكّل تهديداً للعالم. ووفقاً لهذا المنطق، يتعيّن على الصين أن تعمل على تطوير التكنولوجيات الخضراء، كما يعتبر تطوير الصين للسيارات الكهربائية بمنزلة “هجوم” على العالم.
لقد أظهر غلافان لمجلة “إيكونوميست” البريطانية في عامي 2013 و2024 بوضوح “المعايير المزدوجة” للمجلة. ففي عام 2013، ظهر على غلاف المجلة عنوان “أكبر ملوّث في العالم” يصوّر انبعاثات الكربون في الصين على أنها تهديد عالمي. والآن، مع التطوّر السريع في الصين للسيارات الكهربائية، يصوّر الغلاف الذي يحمل عنوان “هجوم السيارات الكهربائية الصينية” السيارات التي تصطدم بالأرض، ويظهر بوضوح المخاوف الغربية، على الرغم من حقيقة أن محتوى المقال يختلف عمّا يوحي به الغلاف.
وبغض النظر عن تصرّفات الصين، فإنه يتم تصويرها باستمرار كتهديد، وهذه دعاية أنموذجية على النمط الغربي، حيث تكمن وراء المعايير المزدوجة التي تتبناها وسائل الإعلام الغربية عقلية الغرب المتعالية والجمود الثقافي الذي طال أمده. باختصار، يدور الأمر حول “المركزية الغربية”، التي تؤكد أن القيم والأنظمة الغربية هي المقياس الوحيد للحضارة الإنسانية. واستناداً إلى هذه النظرية، فإن الإمبريالية الغربية تتولى بطبيعة الحال دور “الإله” القادر على كل شيء، الذي يستطيع أن يملي كل شيء، في حين لا تستطيع الدول الأخرى إلا أن تتوافق مع تفضيلاتها الخاصة.
لقد كانت الإمبريالية والهيمنة الغربية منتشرة لعدة قرون، ما أثر بشكل كبير في تطور المجتمع العالمي وما زال يؤثر في العالم اليوم. فعندما تختار الصين، وهي واحدة من أكبر الدول غير الغربية، مساراً تنموياً ينحرف عن مسار الغرب، فإنها تصبح محط أنظار القوى الغربية المهيمنة. ومن أجل الحفاظ على هيمنته وقيادته، يلجأ الغرب إلى مهاجمة الصين واحتوائها وتشويه سمعتها، مستخدماً المعايير المزدوجة كأحد تكتيكاته. فحين كانت الصين في مرحلة التنمية، لم يدّخر الغرب أي جهد لتشويه سمعة الانبعاثات الكربونية التي تنتجها الصين. ولكن مع ظهور الصين تدريجياً وتولّيها مسؤولياتٍ كبرى للحدّ من انبعاثات الكربون وتطوير الطاقة الخضراء، أصبح الغرب خائفاً ومذعوراً في الوقت نفسه. ويعزو الكثير من الخبراء هذا الخوف والذعر إلى عجز الغرب عن مواجهة تراجعه وعدم قدرته على التكيّف مع مكانة الصين الرائدة في مختلف المجالات، ويتجلى هذا في عدم الاحترافية التي تظهرها وسائل الإعلام الغربية عند تغطية أخبار الصين.
على سبيل المثال، عندما اجتاح الوباء جميع أنحاء العالم في عام 2020، نفّذت الصين إجراءاتٍ تقييدية لمنع انتشار فيروس كورونا. وزعمت صحيفة “نيويورك تايمز” أن هذه الإجراءات جاءت بتكلفة كبيرة على الحريات الشخصية للناس. ومع ذلك، عندما حذت إيطاليا حذوها ونفّذت عمليات الإغلاق في مناطق معينة، تحوّل السرد إلى الاعتراف بأن إجراءات القمع التقييدية قد تكون ضرورية لاحتواء الفيروس وهزيمته. إن لعبة الكلمات التي تلعبها وسائل الإعلام الغربية تذكّر الناس بخدعة أخرى استخدموها – وهي خدعة “بأي ثمن”. من خلال إلقاء نظرة على عناوين بعض وسائل الإعلام الغربية، مثل صحيفة “الغارديان”: لقد تجنّبت الصين الخسائر المروّعة التي لحقت بالولايات المتحدة نتيجة لفيروس “كوفيد-19″، ولكن بأي ثمن”، إلى عنوان قناة “فرانس 24″، يبدو أن اقتصاد الصين يستقر، ولكن بأي ثمن؟ وصولاً إلى عنوان شبكة “بي بي سي”، الصين تزداد ذكاءً، ولكن بأي ثمن؟. ويطلق شو ليانغ، الأستاذ في كلية العلاقات الدولية بجامعة بكين للدراسات الدولية، على هذا الأسلوب في نقل وسائل الإعلام الغربية عن الصين اسم “سرد عكسي”. فمن ناحية، يعترفون على مضض بإنجازات الصين، ولكن من ناحية أخرى، يستخدمون سرداً عكسياً للتشكيك في مدى استدامة النهج الصيني. ومع ذلك، وبصرف النظر عن التكتيكات التي تستخدمها وسائل الإعلام الغربية، فإنها لا تستطيع منع انحدار الغرب أو تغيير حقيقة مفادها أن الصين آخذة في الصعود.