“الوقت الضائع”..!!
معن الغادري
يشكّل “الوقت”، وفق كلّ النظريات والدراسات القديمة والحديثة، عنصراً مهمّاً وأساسياً في إدارة العمل بالصورة الأمثل، وهو ما يغيب عن الكثيرين ممن هم على رأس العمل في القطاعين العام والخاص على السواء، إذ تبرزُ مشكلات عدة في آلية تحديد واعتماد الوقت غير المنضبط والمنتظم لإنجاز وتنفيذ الخطط والبرامج بمختلف أشكالها وأنواعها، وخاصة ما يتعلّق منها بتنفيذ المشاريع الخدمية والإنشائية، والذي يلعب الوقت وحسن إدارته أحد أركان نجاح العمل، ويقلّل من الخسارات وزيادة الكلف، وبالتالي يخدم العملية الإنتاجية ويضعها ضمن مساراتها الصحيحة، وهنا تبرز أهمية وضرورة حسن إدارة الوقت وتوظيفه بصورة فعّالة للتقليل ما أمكن من الوقت الضائع الذي يضرّ بالعمل دون أدنى شك.
وهنا، لا بدّ من الإشارة وبوضوح إلى الخلل الكبير الذي يقوّض عملنا المؤسساتي، والمتمثل في غياب منهجية التخطيط الذي يعّد أحد أهم العناصر في عملية استثمار الوقت والجهد معاً، وهو ما تؤكده تجارب الغير في هذا المجال، حيث نجد أن هذه التجارب أكثر فائدة وإنتاجية لأسباب عدة، أبرزها أن التخطيط الذي هو عنصر أساسي في عملية ضبط وإدارة الوقت -وفق المتخصّصين في علم الإدارة- يقود إلى حيث تريد أن تكون، إلى جانب أنه يساعد المرء على تحديد الأولويات واختيار الأفضل والأنسب من الموارد المطلوبة، من حيث التكلفة والتنظيم، ويؤدي بالنتيجة إلى حسن إدارة المشاريع ودفع عجلة الإنتاج، وتحقيق نتائج إيجابية وفعالة تخدم الأهداف الموضوعة على المديين القريب والبعيد.
ما نودّ تأكيده من خلال هذا العرض الموجز أن الأسباب المباشرة وراء تراجع الأداء والإنتاج يعود إلى عدم الاكتراث بهذه الجزئية الأكثر تأثيراً، ما يزيد من انحراف مسارات العمل ويضاعف من الخسارات المادية والمشكلات الإدارية والمالية والفنية، وما أكثر تعدادها في حلب خاصة، بالنظر إلى ما تعانيه معظم مفاصل العمل من ترهل وقصور واضحين في مجمل تفاصيل العمل، وهو ما يدفعنا للمطالبة مجدداً بضرورة التدخل من الوزارات المعنية لمراجعة إجراءات وخطوات وخطط وبرامج مديرياتها ومؤسساتها، بعد العجز الواضح للجهات المعنية في ضبط عقارب -ساعة- مؤسسات ومديريات المحافظة والتي تعجّ بالفوضى والفساد!.
ولعلّ الأكثر إلحاحاً من أي وقت مضى، لمواجهة التحديات التي نمرّ بها في هذه المرحلة الدقيقة والمفصلية، يتمثل بضرورة إجراء مراجعة دقيقة ومستفيضة لآليات العمل وإعادة توجيهها ضمن مسارات ونطاقات صائبة تتفق مع التوقيت المناسب والجودة المطلوبة، والأهم، في هذه المعادلة سهلة الحلّ، يتجلّى في حسن الإدارة واستثمار وتوظيف الموارد البشرية وغيرها في مكانها وزمانها الصحيحين، كقاعدة وركيزة لتحقيق أعلى منسوب من النمو والنهوض، وهي مسؤولية تقع على عاتق رأس الهرم الإداري والتنفيذي في المحافظة، كما تقع على عاتق المدير المباشر في المؤسسة أو المديرية، تليها مسؤولية فريق العمل والمطلوب منه أولاً أن يؤمن بأن حسن إدارة الوقت أحد أهم ركائز النجاح.