في ختام زيارته إلى حلب.. الوفد الوزاري يضع خطة عمل ورؤية جديدة لتنشيط وتحفيز القطاع الاقتصادي
حلب – معن الغادري
اختتم الوفد الوزاري مساء اليوم زيارته إلى حلب بوضع خطة ورؤية جديدة لإنعاش القطاع الاقتصادي، وشهدت الزيارة ثلاثة اجتماعات منفصلة مع الفعاليات الصناعية والتجارية والسياحية وقطاع الحرفيين، وحملت الكثير من الآمال بإحداث تحول إيجابي وعملي على مستوى السياسة الاقتصادية لجهة التشريعات والقرارات المحفزة وتوفير وتأمين مستلزمات الإنتاج والتمويل والضرائب والتسويق والتصدير وفق رؤية جديدة وطموحة، من شأنها دفع العملية الإنتاجية وخلق بيئة ناضجة وتنافسية للمنتج الوطني.
واستهل الوفد الوزاري الذي ضم الدكتور محمد سامر الخليل وزير الاقتصاد و التجارة الخارجية، و الدكتور كنان ياغي وزير المالية، و الدكتور عبد القادر جوخدار وزير الصناعة زيارته إلى حلب بلقاء رئيس وأعضاء مجلس إدارة غرفة الصناعة، و مجلس إدارة المدينة الصناعية بالشيخ نجار، و لجنة المدينة الصناعية، تلاه لقاء موسع مع كافة القطاعات الصناعية والحرفية في المحافظة، ولقاء ختامي مع غرفتي التجارة والسياحة والفعاليات التجارية والسياحية في المحافظة.
وبحث الوفد الوزاري الواقع الصناعي و الإنتاجي ومعوقات العمل و سبل تذليلها، واستمع من الحضور كل حسب اختصاصه وقطاعه إلى مطالبهم، والتي ركزت على ضرورة تحسين بيئة العمل و الإنتاج ورفع سوية الخدمات في المدينة الصناعية وكافة القطاعات، و تخفيض الكلف وضرورة إشراك الصناعيين في القرار الاقتصادي.
كما طالبت المداخلات بضرورة إشراك الصناعيين في القرارات الاقتصادية وقيام الفريق الحكومي بوضع خطة عمل وإستراتيجية واضحة وثابتة لفترات متوسطة وطويلة لتمكين الفعاليات الاقتصادية من العمل والإنتاج.
وانتقدت المداخلات القرارات المفاجئة المتعلقة برفع حوامل الطاقة وآخرها مضاعفة تسعيرة الكهرباء التي تؤثر بشكل سلبي على العمل و تسهم في إلحاق خسائر كبيرة بالصناعيين و المنتجين .
وأشار عدد من الصناعيين إلى ضرورة تسهيل عمليات التصدير، وسرعة استيراد المواد الأولية الداخلة في مستلزمات الإنتاج للعديد من الصناعات، وطالبوا بإنشاء غرفة عمليات مشتركة بين الصناعيين والجهات الحكومية للتواصل السريع وحل المشكلات العالقة، في حين تناولت بعض المداخلات واقع الصناعات الغذائية، والدوائية والالكترونية وتراجع الإنتاج فيها، والمطالبة بتوفير البنى التحتية المناسبة، ووسائل النقل الجماعي اللازمة وتزفيت الطرقات الواصلة إلى المدينةَ الصناعية في الشيخ نجار.
كما طالبت المداخلات باتخاذ قرارات جريئة لمعالجة التشوهات الجمركية لبعض المواد والاستعلام الضريبي والمنصة الخاصة بتمويل المستوردات، وما ينجم عن هذه العوامل من تأثير على العمل والإنتاج، والسماح باستيراد خطوط الإنتاج و قطع التبديل من خارج المنصة، وإقامة مدينة للمعارض في حلب و توسيع شبكة الهاتف في المدينة الصناعية و توفير مياه الشرب والمياه الصناعية للمنشآت الصناعية فيها، و إعادة تفعيل محطة الاوكتان في المدينة الصناعية كونها معطلة و متوقفة منذ ثلاثة أشهر، و تنفيذ مشروع متكامل لتزفيت الطريق الواصل للمدينة الصناعية وعدم الاكتفاء بالصيانات الجزئية له، و سرعة إصلاح أعطال الكهرباء و توفير المواد اللازمة لصيانة محطات الكهرباء في المدينة الصناعية .
وفي مداخلة له ذكّر المهندس فارس الشهابي رئيس غرفة صناعة حلب بالخطة التي قدمتها غرفة صناعة حلب أثناء أعمال المؤتمر الصناعي الثالث عام 2018 والتي وصفها بخطة عمل شاملة و مصفوفة و متكاملة للنهوض بالواقع الصناعي و الإنتاجي، مبيناً أنه لو تم تبني هذه الخطة لكان واقع الصناعة حالياً أفضل بكثير، مشيراً إلى أن كافة المطالب تتكرر في كل مناسبة واجتماع، متمنياً أن تكون هناك خطة عمل حقيقية للانتقال إلى حيز التنفيذ والتطبيق، ودعا إلى تشكيل هيئة للرقابة على المستوردات والصادرات وهيئة عامة لدعم المناطق الصناعية، وإحداث مدينة معارض في حلب، مؤكداً ضرورة معالجة المشكلات لتوفير البيئة المناسبة للإنتاج.
في حين طلب رئيس فرع اتحاد الحرفيين بحلب المهندس حسام حلاق تأمين الغاز والمازوت لتشغيل الحرف الصغيرة والمتوسطة وتأمين القروض الميسرة للطاقة المتجددة، واعتماد الشهادة الحرفية بدلاً من الترخيص الإداري، واستكمال تنفيذ البنى التحتية في المناطق الحرفية والصناعية.
وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية أوضح أن الظروف المتراكمة دولياً وارتفاع الأسعار العالمية والمتغيرات المناخية إلى جانب المشكلات الناجمة عن السياسات الاقتصادية القديمة وظروف الحرب والحصار، أدى إلى العديد من المشكلات التي تعمل الحكومة على معالجة جزء من آثارها حسب الإمكانات المتوفرة، مشيراً إلى أن لقاءات الوفد الحكومي يأتي حرصاً من الحكومة على معالجة مطالب الصناعيين وإيجاد الحلول المناسبة، وستكون على طاولة الحكومة واللجنة الاقتصادية.
ولفت الوزير الخليل إلى أنه سيتم الأخذ بعين الاعتبار موضوع حيازة القطع الأجنبي والتعاملات به والمرسوم رقم 3 كان مطرحاً للدراسة، بقصد الإيضاح والتعديل بشكل إيجابي مع الحفاظ على الحد من المضاربات، وأنه تم تجهيز التعديلات اللازمة على المرسوم 8 المتعلق بمخالفات التجارة الداخلية، وسيتم العمل على إطلاق برنامج دعم التصدير الصناعي لتعويض جزء من ارتفاع التكاليف والحفاظ على القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية، إلى جانب تطوير برنامج دعم أسعار الفائدة القطاعات ذات الأولوية. كما ستتم متابعة إنجاز منطقة الليرمون التنموية لمنح المزايا اللازمة كنموذج في حلب للتأسيس لباقي المناطق المتضررة.
وبيّن وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية أن ملف المدينة الصناعية في الشيخ نجار ستتم متابعته لمعالجة المشكلات الخدمية العالقة بالتنسيق مع المحافظة، موضحاً أنه تم إحداث المنصة الخاصة بتمويل المستوردات نتيجة التفاوت بين العرض والطلب من احتياجات القطع الأجنبي.
وأشار إلى ضرورة الوصول إلى إعداد مذكرة تفصيلية تتضمن واقع المدينة الصناعية، وكل ما يتعلق باحتياجاتها الأساسية و بنيتها التحتية لدراستها واتخاذ القرارات اللازمة المناسبة وبما يساعد على النهوض بواقع المدينة الصناعية، موضحاً في الوقت نفسه أنه سيتم اعتماد منطقة الليرمون الصناعية كمنطقة تنموية وستكون نموذجاً لإعادة تأهيل المناطق الصناعية المتضررة.
من جانبه أكد وزير المالية أن حلب كانت وستبقى عاصمة الاقتصاد الوطني، وأن لقاءات اليوم تأتي إيماناً بأهمية حلب على الخارطة الاقتصادية، وبيّن أن هدف الحكومة تعزيز الإنتاج والحفاظ على سعر الصرف، حيث يتم العمل وفق الإمكانات الذاتية واستثمار محركات الاقتصاد الوطني، لافتاً إلى أهمية المرسوم 3 لإحياء الأسواق والمدن القديمة.
وأشار الوزير ياغي إلى أن العمل الجمركي يأتي ترجمة لسياسات الدولة لحماية الصناعات الوطنية ومكافحة التهريب، مؤكداً أنه ممنوع على دوريات الجمارك دخول الأسواق، إلا بأوامر تحري أصولية وبمرافقة ممثلين عن غرف التجارة والصناعة والنقابات. أما فيما يتعلق بـ “التشوهات” الجمركية فسيتم البت بها قريباً، في حين أن عملية الربط الالكتروني تهدف إلى الحد من تدخل العنصر البشري وتحقيق العدالة الضريبية. وأكد وزير المالية الاستعداد لدعم القروض وتقديم التسهيلات المصرفية وإعادة النظر بالمعدلات الضريبية.
بدوره أشار وزير الصناعة إلى أنه يتم التنسيق بشكل دائم مع غرف الصناعة، والتأكيد على التشاركية والتكامل بين القطاعين العام والخاص والعمل على تطوير المناطق والمدن الصناعية، داعياً إلى خلق استثمارات جديدة لمستقبل استثماري أفضل، موضحاً أن كمية الأقطان المستلمة من الإخوة الفلاحين، يتم حلجها وغزلها، وأن كمية الغزول الناتجة توزع على القطاعين العام والخاص وبما يتناسب مع الكمية المتوفرة والطاقات الإنتاجية لكل منشأة ، حيث يتم العمل حالياً على تطوير عمليات الغزل في منشآت القطاع العام لتحسين جودة الغزول وتقليل الهدر.
من جانبه أشار محافظ حلب إلى أن هذه اللقاءات تأتي تجسيداً لاهتمام الحكومة المتواصل بحلب ولوضع رؤية متكاملة لإعادة حلب إلى مكانتها الصناعية والاقتصادية التي كانت عليها.