واشنطن.. من التهديد إلى التوسّل
تقرير إخباري
حاولت واشنطن وحلفاؤها الغربيون منذ بداية العدوان الصهيوني على قطاع غزة المحاصر، وحتى قبله، الإيحاء لدول المنطقة بأنها حاضرة بقوة لدعم “إسرائيل” والدفاع عنها، وأنه لا يمكن لأيّ قوّة في المنطقة أن تستغلّ عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية، في الاستفراد بقاعدة الغرب المتقدّمة “إسرائيل” أو استضعافها.
ومن هنا حضر المايسترو الغربي تباعاً لتقديم الدعم المباشر لـ”إسرائيل” في عدوانها على غزة، ابتداء من الرئيس الأمريكي جو بايدن ووزيري دفاعه وخارجيّته، الذين أشرفوا على تشكيل مجلس الحرب الصهيوني، وليس انتهاء بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تقلّب بين تأييد شديد لها وتحذير من انعكاسات الحرب على أمنها.
لقد حضرت الأساطيل الغربية إلى البحر المتوسّط لتوجيه تهديد مباشر لأطراف محور المقاومة بعدم التدخّل فيما يجري في غزة، ولدعم رئيس الحكومة الصهيونية بنيامين نتنياهو في عدوانه على غزة على الأرض، في محاولة للاستفراد في المقاومة الفلسطينية، وهذا ما رفضته قوى المقاومة في المنطقة ابتداء من المقاومة اللبنانية والعراقية وليس انتهاء بالمقاومة اليمنية، الأمر الذي جعل الولايات المتحدة وحلفاءها يتوجّسون خيفة من إمكانية توسيع رقعة الحرب لتشمل دول الإقليم مجتمعة وتتدحرج إلى حرب عالمية شاملة.
وحاول الغرب القفز فوق جميع الدعوات إلى وقف فوري لإطلاق النار، واستخدمت واشنطن حق النقض ضدّ مشروع قرار في هذا الشأن، إفساحاً للمجال لنتنياهو لاستكمال ما بدأه من إبادة جماعية بحق سكان غزة والتخلّص نهائياً من المقاومة الفلسطينية، حسب زعمه.
وعندما شعر الغرب الجماعي بأن العدوان لن يأتي بنتائج في ظل جميع التقارير التي تؤكّد فشل القوات الصهيونية على الأرض في تحقيق أيّ هدف من أهداف الحرب سوى قتل النساء والأطفال وازدياد النقمة في الشارع الغربي على سياسات قادته فيما يخص هذا العدوان الشعب الفلسطيني الأعزل، بل تحوّل الرأي العام العالمي في اتجاه آخر مؤيّد لحقوق الشعب الفلسطيني، وإعادة إحياء القضية مجدّداً على الساحة العالمية وانحسار فرص التطبيع مع الكيان الصهيوني، صار لزاماً على القادة الغربيين التفكير بطريقة لإيقاف هذه الحرب التي رفضوا إيقافها سابقاً، فاضطرّت واشنطن لإرسال رسائل إلى دول المحور للتفاوض على تسوية شاملة في المنطقة، وهو ما أعلن عنه السفير الإيراني في دمشق.
ومع العجز الواضح للمايسترو الغربي في منع اللجان الشعبية في اليمن من استهداف السفن الصهيونية أو الذاهبة إلى الأراضي المحتلة من عبور مضيق باب المندب، رغم جميع الحركات الاستعراضية التي قامت بها واشنطن ولندن في استهداف مناطق في اليمن من خلال تحالف مزعوم من خارج مجلس الأمن لهذه الغاية، صار واضحاً أن واشنطن وحلفاءها إنما يحاولون أصلاً من خلال عسكرة باب المندب استدراج قوى عالمية أخرى مثل روسيا والصين للتوسّط لدى الجيش اليمني أن يتوقّف بدوره عن استهداف هذه السفن، بدعوى تهديد الملاحة العالمية، في الوقت الذي أعلن فيه اليمن سابقاً أنه لن يتغيّر شيء في الشأن الملاحي إلا ما يخصّ ملاحة الكيان الصهيوني، وذلك طلباً لوقف العدوان الصهيوني على غزة.
ومن هنا، فإن العدوان الأمريكي البريطاني على اليمن في حقيقته، إنما هو توسّلٌ لكل من روسيا والصين أن يتدخّلا لمساعدة واشنطن على فرض هذا الأمر، في الوقت الذي تعتقد فيه الدولتان أن ملاحتهما في المضيق غير مهدّدة، وأن الكرة في ملعب الأمريكي الذي عليه أن يفرض وقف العدوان على غزة حتى يتوقف استهداف السفن في البحرين العربي والأحمر.
طلال ياسر الزعبي