ثقافةصحيفة البعث

رفعت الهادي: لا نملك جمهور شباك ومسرحنا بحاجة إلى دعم أكبر

السويداء- رفعت الديك

شهدت مدينة السويداء على مدار أسبوع كامل، عروضاً مسرحية متنوعة، وذلك احتفالاً بيوم المسرح العربي ويوم مسرح الطفل. وحول أهمية هذه المهرجانات وما ولّدته من تظاهرة مسرحية على ساحة المحافظة، يقول المخرج رفعت الهادي مدير المسرح القومي في السويداء: “بالتأكيد هناك دور كبير للمهرجانات المسرحية في تفعيل الحركة المسرحية في أي مكان، فالمهرجان هو عبارة عن تتويج لحالة العمل المسرحي، وهو يصنع حراكاً جماهيرياً، وبمنزلة لحظة تقييم لما يقدّم من أعمال مسرحية”.

ويضيف الهادي: “في محافظة السويداء هناك حراك مسرحي نشط، ولا يقتصر العمل على المهرجانات فهي تقدم بشكل مستدام، بل نتحدث أيضاً عن الفرق الخاصة والفرق العامة وفرق المسرح القومي وفرق المنظمات، انطلاقاً من إيماننا جميعاً بدور المسرح التثقيفي والتنويري، المسرح هو إعادة خلق الحياة من جديد على الخشبة لكي نستطيع فهم هذه الحياة ونعيد إدراكنا لها”، مبيناً: “الجميع يعلم قيمة المسرح العظيمة، ومن يتدرّب على مهارات إعداد الممثل يقطع شوطاً كبيراً في مهارات التواصل، واليوم نرى صراعات كبيرة حول مهارات التواصل والشخصية القيادية وحالة التنمية وغير ذلك من هذه المسميات، لكن عندما يتدرّب الممثل على مهارات التواصل تصبح هذه المفردات أشياء بسيطة جداً لديه، فهو الملك المتمكّن من ذاته، يعبّر عنها، ويستطيع أن يقيّم اللحظة، ويقدم لنا بحثاً تنويرياً مستقبلياً، فهو المثقف الناظم لحياته الاجتماعية بكل أبعادها النفسية والاجتماعية والعمق الإنثربولوجي الذي يستطيع أن يقدّم لنا بحثاً عن العمق الإنساني لما يحتويه الإنسان من لا شعور جمعي وعام وخاص وفردي.. الفن حالة كبيرة جداً من اتساع الأفق والوعي للحظة الحاضر والمستقبل، وتالياً لا شكّ في أن للمسرح دوراً كبيراً في بناء شخصياتنا وذواتنا”.

جمهور ذواق للفن

خلال متابعتنا أي نشاط فكري أو مسرحي في المحافظة، نلاحظ وجود جمهور داعم للنشاط، وإن لم يكن جمهوراً كمياً فهو نوعي وذواق للفن، يوضّح الهادي: “في الحقيقة نحن أمام جمهور من الذواقة في السويداء، جمهور متميّز، مثلاً من المصادفات عندما يقطع التيار الكهربائي في أحد العروض، يضيء الجمهور “فلاشات” جوالاتهم، ويستمر العرض حتّى يعود التيار وتعود الأجهزة إلى الإقلاع من جديد، وهذا يأخذ وقتاً مدة عشر دقائق، هذه الصورة تتكرر مراراً في مسرح السويداء، إذاً.. نحن أمام جمهور من الذواقة، لكن أهلنا وأصدقاءنا ومثقفينا في المحافظة هم الذين يتابعون النشاط المسرحي طوال فترة العروض، أي نحن لا نملك جمهور شباك أو جمهوراً داعماً، وأنا لا أبالغ إن قلت إننا نستطيع الوصول من خلال المسرح إلى جمهور عريض في السويداء، نحن جمهورنا نوعي وخاص، لكن لم نستطع بعد الوصول إلى تحقيق جماهيرية للمسرح، ربما هذا يحتاج إلى تكاتف جهود واتفاقيات ليس على مستوى الدوائر الصغرى، إنما على مستوى الوزارات، ويجب أن يكون هناك تعاون مستمر بين وزارة الثقافة ومديرية المسارح والموسيقا مع الوزارات الأخرى كوزارتي التربية والتعليم العالي، أيضاً منظمة اتحاد شبيبة الثورة والاتحاد الوطني لطلبة سورية، لكي يصل كلّ عرض مسرحي إلى الجميع، وعلينا أيضاً تكثيف جهودنا لكي نصل إلى الجيل لكي يعتاد على حضور العروض المسرحية، أي عندما يكون هناك إعلان لوزارة الثقافة بتقديم عرضها المسرحي على كلّ من يعمل في قطاع التربية أن يروّج للإعلان لضمان وصوله إلى كل المدارس، وكأن من يصنع هذا العرض هي ذاتها وزارة التربية، وهم ذاتهم معلمو الصفوف في المدرسة، يجب أن يتمّ الاتفاق على هذا الأمر ويتمّ التعميم له من خلال الوزارات المعنية، أي أن المعنيّ والمسؤول هو المدرّس في المدرسة قبل أي أحد، فهذا الجهد الذي تبذله وزارة الثقافة تضيع أصداؤه ولا يصل إلى مستحقيه من طلاب المدارس، وللأسف هذا التعاون بين المؤسسات والوزارات غير موجود، وبالتالي نحن نعاني حتى نصل للجمهور، ووسائل التواصل الاجتماعي وحدها لا تكفي، والشريط الإخباري في التلفاز لا يكفي، المسألة تحتاج إلى تكاتف جهود، وأن يشعر كلّ منا بأنه معنيّ بهذه العملية التربوية الأخلاقية الاجتماعية الإنسانية التي تعيد إلينا شخصياتنا، وأتمنى أن يكون لنا مثل هذا التعاون”.

تعويضات خجولة

وعند الحديث عن أي نشاط يلامس الحالة الفكرية والفنية تبرز معوقات تعترض عمل المنظمين، يشير الهادي إلى أن هناك معوقات كبيرة وصغيرة في الوقت ذاته، وهي معوقات مالية، وخاصة في المسرح غير الرسمي، أي الأعمال التي تقدّمها الفرق الخاصة وفرق المنظمات التي لا يقدّم إليها أي معونات مالية، ويقع عبء العمل على عاتق أصحابه، أما ما يقدّم للمسرح الرسمي في مسرح قومي السويداء فهو المعونات التي تقدمها وزارة الثقافة، نستطيع أن نقول إن العمل في المسرح الرسمي مأجور لكل من يعمل فيه من المخرج الذي هو رأس العمل حتى الممثلين وصناع الديكور وحتى المستخدم الذي يعمل في الصالة يتقاضى مكافأة مالية، فالعرض المسرحي يحتاج إلى مدة كبيرة حتى يتمّ إنجازه هذه المدة لا تقلّ عن أربعة أو خمسة شهور، وهنا تصبح المكافآت والمعونات المالية التي تقدم هي عبارة عن مبالغ بسيطة، المسرح يحتاج إلى اهتمام مالي كبير يتساوى معه الفن المسرحي بفن الدراما التلفزيونية، وبالتالي يجب أن يستطيع الفنان المسرحي أن يعيش من خلال عمله، لكن كما يعلم الجميع أنه ليس لدينا جمهور مسرحي يصنع لنا شباكاً مسرحياً، وحتى اليوم نقدم عملنا المسرحي بالمجان وبسعر بطاقة بسيط قد لا يتجاوز الـ 5000 ليرة سورية، وقد لا نحصل على ربع الجمهور الذي من الممكن أن يأتي في حال كان العمل مجانياً، لا أحد يدفع للمسرح والمسرح يقع في إشكالية العوز المالي.