انطلاق أعمال المؤتمر السوري الروسي الإعلامي الأول تحت عنوان (سلطة الإعلام وتأثيره على الرأي العام)
دمشق-سانا
انطلقت اليوم أعمال المؤتمر السوري الروسي الإعلامي الأول الذي يقيمه المركز الثقافي الروسي، بالتعاون مع وزارة الإعلام وبالشراكة مع مؤسسة التعاون السوري الروسي والرابطة السورية لخريجي الجامعات الروسية.
ويناقش المؤتمر الذي يعقد تحت عنوان “سلطة الإعلام وتأثيره على الرأي العام” على مدرج المركز الثقافي الروسي في دمشق على مدى يومين، محاور حول تحليل الخطاب الإعلامي وتأثيره على المتلقي وحرية الإعلام الإلكتروني وكيفية الوثوق بمحتواه والحديث عن الدور الفعال للذكاء الاصطناعي، وأهميته كقوة جديدة في عالم الإعلام والسياسة.
وفي كلمة له، أكد وزير الإعلام الدكتور بطرس الحلاق أن هدف المؤتمر بلورة فضاء إعلامي مشترك خدمة للشعبين السوري والروسي في ظل تطور العلاقات بين البلدين تاريخياً، لافتاً إلى سعي البلدين لبناء منظومة علاقات قائمة على التوازن والتعددية وكسر احتكار القطب الأوحد والتمسك بالحوار كمبدأ أساسي في العلاقات الدولية.
وأضاف الوزير الحلاق: إن الدعم الكبير الذي تقدمه روسيا للشعب السوري في حربه ضد الإرهاب وفي سعيه للحفاظ على وحدة وسلامة أراضيه ووقوفها إلى جانب القضايا العادلة للشعوب يعبر عن مبادئ روسيا في دفاعها عن السلام والاستقرار في وجه السياسات الغربية المبنية على الهيمنة ودعم الإرهاب، مشيراً إلى وقوف سورية مع صوابية الموقف الروسي في العملية العسكرية الخاصة بأوكرانيا انطلاقاً من دفاعها عن العالم ومبادئ العقل والإنسانية.
وأكد الوزير الحلاق أن الإعلام يشهد طرقا مستحدثة في التحكم بالرأي العام في ظل التطور التكنولوجي والمعلوماتي وانعدام قدرة وسائل الإعلام التقليدي في السيطرة الكاملة على الرأي العام وهندسته، حيث بات جلياً أن من يملك آليات توظيف القوى الإعلامية يصبح أكثر قدرة على التأثير وتحقيق الهدف.
ولفت الوزير الحلاق إلى عدم إمكانية إغفال الوقائع والتوجه التدريجي الحاصل نحو عالم متعدد الأقطاب رغم محاولة الدول الغربية الإبقاء على العالم المعولم وفق استراتيجيات القوى الناعمة نتيجة الإخفاقات العسكرية المتعددة والسياسات الخشنة وتراجع القوى الاقتصادية نتيجة الأزمات المتلاحقة، مشيراً إلى مواصلة بعض الدول الهيمنة عبر تحويل وسائل الإعلام من خانة نقل المعلومة إلى صناعتها لتصل إلى الاحترافية في التأثير، وتغيير قناعة الجمهور بغض النظر إن كانت إيجابية أو سلبية، مستخدمة شعار الحرية “لكنها كلمة حق يراد بها باطلاً”.
وأوضح الوزير الحلاق أن الإعلام الغربي يسعى وبصورة مستمرة إلى تغيير سياسات الحكومات والمساهمة في حشد الرأي العام الدولي تجاه قضايا بعينها، والعمل على إشعال الفتن والحروب لتغيير أنظمة الحكم في كثير من الدول، ومحاولة إعادة صياغة وتفسير وتشويه المواقف السياسية خدمة لأهداف الغرب والطابور الخامس الذي يقف وراءه.
وختم الوزير الحلاق بأنه في حال انتهاء حروب الأسلحة التقليدية حالياً أو مستقبلاً يحل محلها الحروب الإعلامية التي توجه الرأي العام وتكسب التأييد لطرف على حساب أطراف أخرى، مضيفاً: “هل آن الأوان لنعي أن الإعلام معركة وعي وليس مجرد رؤية سطحية لفضائية أو موقع أو ما شابه أو استسلام لطوفان محموم من الأخبار والتحليلات نبني عليها عالماً افتراضياً نعيش فيه.. إنه معركة وعي بالفعل”.
رئيس مجلس أمناء التعاون السوري الروسي الدكتور فادي عيساني أشار إلى أهمية الإضاءة من خلال محاور المؤتمر على تأثير الإعلام على الرأي العام وتعزيز الحوار بين الإعلاميين السوريين والروس خدمة للواقع الإعلامي والمجتمعي في البلدين في ضوء حملات التضليل والتشويه التي يتعرض لها البلدان وتوظيف التقنيات الرقمية والتكنولوجية في تزوير الحقائق وتشويهها.
من جهته أكد مدير المركز الثقافي الروسي بدمشق نيكولاي سوخوف ضرورة الاستمرار في التعاون والتنسيق عالي المستوى بين سورية وروسيا في المجال الإعلامي، نظراً لخطورة الدعايات المضللة الموجهة ضد البلدين وأهمية تبادل الخبرات والاستفادة من تجارب الطرفين، لافتاً إلى أن ما ألحقته الإجراءات القسرية أحادية الجانب من تداعيات على الجانب التقني في الإعلام السوري أثر في مواكبته للتقدم التكنولوجي.
بدوره أشار رئيس الوكالة الفيدرالية الروسية للتعاون الإنساني الدولي يفغيني بريماكوف “عبر خاصية الفيديو” إلى فعالية تبادل الخبرات بين الإعلاميين في البلدين في سياق المواجهة العالمية التي يتعرضان لها في ظل التطور التقني، ومسؤولية وسائل الإعلام في التوجه نحو نقل الحقيقة، داعياً الصحفيين إلى استثمار التقنيات الرقمية والذكاء الاصطناعي في تحقيق المنفعة الإعلامية.
وتطرق المشاركون في المؤتمر خلال الجلستين اللتين عقدتا ضمن أعمال المؤتمر إلى سبل تطوير آليات مواجهة حملات التضليل الإعلامي وتعزيز الحوار الإعلامي واستثمار نقاط القوة التي يتمتع بها الإعلام السوري والروسي، ومعالجة الثغرات وتنسيق الجهود لتوحيد الخطاب الإعلامي في وجه محاولات التضليل التي تتبناها وسائل الإعلام الغربية، وتفعيل دور مراكز الأبحاث واستطلاعات الرأي واستثمارها لصناعة الرأي العام، ووضع السياسات والاستراتيجيات الإعلامية المستقبلية، وتعزيز المشاركة المجتمعية والتفكير الناقد والبحث والتحقق من المصادر.
كما أكد المشاركون أهمية توظيف التكنولوجيا الرقمية في وسائل الإعلام من خلال الصحافة الاستقصائية والبيانات، مشيرين إلى ضرورة التوجه نحو تطوير الإعلام الإلكتروني والارتقاء بمحتواه بما يحافظ على القيم المجتمعية، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي ومواجهة مخاطره والتحول إلى مرحلة صناعة المحتوى.
وشدد المشاركون على ضرورة تدريب الكوادر الإعلامية بشكل دائم ومستمر تماشياً مع التطور اللحظي للإعلام، والعمل على هيكلة الإعلام وتقديم الدعم له، وإحداث العديد من الوسائل الإعلامية الخاصة بهدف خلق روح المنافسة والحاجة الماسة لتكنولوجيا متقدمة لتأكيد الحقائق.
حضر المؤتمر عدد من مديري المؤسسات الإعلامية الرسمية والخاصة، ورئيس رابطة خريجي الجامعات الروسية، وعدد من ممثلي وسائل الإعلام السوري والروسي.