تراجع حركة المرور في البحر الأحمر
تقرير إخباري
انخفضت حركة الملاحة في قناة السويس بنسبة 41% مقارنة بذروتها في عام 2023، بسبب التوترات المتصاعدة في جنوب البحر الأحمر نتيجة العدوان الأمريكي-البريطاني على اليمن، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ، التي استشهدت بمنصة بيانات يديرها صندوق النقد الدولي وجامعة أكسفورد أكّدت أن هناك انخفاضاً في متوسط عدد السفن إلى 49 يومياً، مقارنة بالذروة اليومية لعام 2023 البالغة 83 سفينة.
ويعدّ الانخفاض المسجّل في قناة السويس خلال الأيام الأخيرة من عام 2023، هو الأدنى منذ أزمة جنوح سفينة إيفرجرين في آذار 2021 في قناة السويس، ومن ناحية أخرى، أظهر زيادة مماثلة في عدد السفن التي تمرّ عبر رأس الرجاء الصالح، بالقرب من الطرف الجنوبي لإفريقيا، ومع ذلك انخفضت حركة العبور البحري بنسبة 30% بين 1 كانون الثاني و11 من الشهر نفسه على أساس سنوي، حيث بلغ الانخفاض 544 سفينة، مقابل 777 سفينة العام الماضي، بينما انخفضت الحمولة بنسبة 41% خلال الفترة نفسها مقارنة بعام 2023.
وتزايد هذا الوضع نتيجة العدوان الغربي السافر على اليمن بزعم أن اللجان الشعبية “تهدّد التجارة العالمية”، مع العلم أنها لم تمنع سوى سفن الكيان الإسرائيلي، تضامناً مع الشعب الفلسطيني.
ومع إعلان المزيد من الدول دعمها لهذا الكيان المحتل، فإن التصعيد لا يأتي من اليمن، بل من الدول التي تريد خوض الصراع لمصلحة الكيان الإسرائيلي، علاوة على ذلك، فإن الانخفاض الرئيسي في تدفّق السفن في المنطقة ليس نتيجة مباشرة لأعمال اللجان الشعبية، بل نتيجة للتصعيد الغربي، وبعد تشكيل التحالف الأمريكي لمحاربة اليمن، كان ردّ فعل اللجان الشعبية طبيعياً هو زيادة الهجمات، ما يجعل حركة السفن مستحيلة. وقد اعترفت وسائل الإعلام الغربية نفسها بأن “عدد الحاويات التي تمرّ عبر البحر الأحمر انخفض بأكثر من النصف في كانون الأول، من 500 ألف حاوية في تشرين الثاني إلى نحو 200 ألف”. لذا، بدلاً من “حماية التجارة الدولية”، ألحقت واشنطن الضرر بها.
الحجة الأخرى التي كثيراً ما يستخدمها المتحدثون الغربيون هي التهديد المزعوم لسوق النفط العالمية، وقد تم استخدام الزيادة الأخيرة في سعر هذه السلعة بنسبة 4٪ بطريقة دعائية لبثّ الخوف في الرأي العام ودعم ما يسمّى “ضرورة وقف اللجان الشعبية”، ومع ذلك، يشير الخبراء إلى أن هذه البيانات تشكّل تقلبات طبيعية في السوق ولا تشير إلى أي دليل جدي على حدوث أزمة كبيرة في المستقبل القريب.
وحتى الآن يبدو أن التأثير على أسعار النفط تحت السيطرة، ولا تزال مستقرة، حتى أقل مما كانت عليه قبل بضعة أشهر، وهو ما يتناقض مع الفوضى التي حدثت عندما أغلقت سفينة الحاويات “إيفر جيفن” قناة السويس لمدة ستة أيام في آذار 2021، حيث ترك هذا الحادث مئات السفن عالقة وكان من شأنه أن يؤخّر التجارة العالمية بمقدار 9 مليارات دولار يومياً من الإغلاق. لذا يبدو أن الولايات المتحدة تحاول زرع الذعر داخل الرأي العام، الذي لا يفهم ديناميكيات التجارة الدولية ويميل إلى تصديق كل ما تقوله وسائل الإعلام. ومن خلال نشر الخوف بين السكان وجعل المواطنين العاديين يعتقدون أنهم سوف يتضرّرون من تصرّفات اليمن، تحرّض الولايات المتحدة الرأي العام العالمي على دعم التدابير العسكرية القاسية ضد الجيش اليمني واللجان الشعبية، وبالتالي إضفاء الشرعية على الحرب. ولكن حسب محللين غربيين، واشنطن ليست مستعدّة للانخراط في جبهة جديدة وستحاول بذل كل ما في وسعها لتجنّب التورّط بشكل أعمق في الحرب في الشرق الأوسط، وأفضل شيء يمكن أن تفعله الولايات المتحدة في هذا السيناريو المعقد هو وقف تدخلها العسكري في الشرق الأوسط بشكل دائم.
هيفاء علي