شهد شاهدٌ من أهلها.. أولى مراحل “سورية ما بعد الحرب” لم تنفذ!
دمشق- ريم ربيع
يشكّل العام الحالي الفترة الانتقالية ما بين مرحلة الإغاثة ومرحلة التعافي وفقاً للبرنامج التنموي لسورية ما بعد الحرب المُقرّ عام 2020، والذي يعدّ بمنزلة الخطة الاستراتيجية التنموية حتى 2030 وما بعد، والمقسم إلى أربعة أجزاء: مرحلة الإغاثة حتى نهاية 2024، والتعافي حتى نهاية 2027، والانتعاش حتى نهاية 2029، تليها الاستدامة التنموية، حيث تضمّن البرنامج جملة من الخطط والمعالجات والاستراتيجيات في مختلف الميادين والقطاعات، مبنية على دراسات استغرقت أشهراً من الخبراء والجهات المعنية، فماذا حقق البرنامج في أولى مراحله؟.
برأي الخبراء المتابعين للتطورات الاقتصادية خطوة بخطوة، فالبرنامج لم يأتِ بأيّ أثر أو تغيير، وعلى الغالب فقد كان مصيره أدراج المسؤولين بعيد ساعات من إعلانه، وحتى لا يوصف هذا الرأي بالمبالغة، اعتمدنا ما صرّح به المستشار في هيئة التخطيط والتعاون الدولي رفعت حجازي، إذ “شهد شاهد من أهلها” بأن المرحلة الأولى من البرنامج التنموي لسورية ما بعد الحرب لم تنفّذ، وبحسب التقييم لم تحقق أهدافها، لأنه كان من المفترض بعد فترة إعداد البرنامج المدعّم بإطار سياسات وبرامج أساسية، أن تقوم الجهات المعنية بترجمة هذه البرامج والسياسات إلى مشاريع تنفيذية لتدرس مع الموازنة العامة للدولة، وهو ما لم يحدث!.
وأوضح حجازي أنه خلال دراسة البرنامج لحظت الفجوة الكبيرة بين خط تكاليف المعيشة بالحدّ الأدنى، والرواتب الاسمية، لذلك تبنّت الخطة أن هذه الفجوة سيتمّ التعامل معها وفق أربع مراحل: الأولى -التي تنتهي هذا العام- ردم قيمة الفجوة بنسبة 15%، والثانية خلال مرحلة التعافي ردمها بنسبة 25%، وفي مرحلة الاستدامة 35%، كما وضعت الخطة أهدافاً متعلقة بمعدل النمو وقوة العمل، لأن قضية معدل نمو السكان المرتفع تخلق فرصة في الدول النامية، لكن إذا لم يتمّ استغلالها ستنعكس بآثار سلبية لفترة طويلة على معدلات البطالة ومستويات المعيشة، وفي سورية، حتى بسنوات ما قبل الحرب كان معدل نمو السكان خارج قوة العمل بنسب أعلى من معدل السكان بقوى العمل.
وأضاف حجازي في حديثه خلال ورشة عمل عقدت مؤخراً، أن البرنامج وضع مستهدفات وفق أربع مراحل لقوة العمل، ونمو التشغيل بالقطاع الحكومي والخاص، ومستهدفات لمعدل نمو الأجور الحقيقية، ونسبة الأجور الحقيقية من الناتج المحلي الإجمالي، فعلى سبيل المثال من المفترض بنهاية عام 2024 أن تصل نسبة الأجور الحقيقية من الناتج المحلي إلى 32%، وتصل بمرحلة التعافي التي تمتد لـ2027 إلى 35%، وبمرحلة الانتعاش تصل إلى 37%، فيما تستقر بعد 2030 عند حدود 40%، معتبراً أنه لا يوجد لدينا برنامج وطني للرواتب والأجور، وكل زيادة اسمية حتى الآن، كانت تترافق بانخفاض بالأجر الحقيقي بسبب معدلات التضخم المتسارعة.
وبيّن حجازي أن محدّدات السياسات المستقبلية ترتبط بمفرزات الحرب، وتوازنات الاقتصاد، فخلال الخطة الخمسية العاشرة وحتى الآن تنفذ الإصلاحات الاقتصادية، لكن المخمّدات أو مخففات الأثر على قضايا التشغيل والرواتب والقضايا الاجتماعية تسير ببطء شديد، ومثال عليها الدعم الذي لا يتمّ تناوله من منظور متكامل.