دور “بريكس” الحيوي في الحوكمة العالمية
تقرير إخباري
إن مقارنة مجموعة بريكس بحلف الناتو أمر غير صحيح، إذ إن المجموعة ليس لها مقر، ولا علاقة لها بالترتيبات العسكرية، وتتعامل بشكل أساسي مع القضايا الاقتصادية، كما أن “بريكس” توحّد جهود الدول الساعية للتغلب على الهيمنة الاقتصادية الإمبريالية الغربية على طريق تعزيز التكامل الاقتصادي وتطوير الأنشطة الاقتصادية.
تضم “بريكس” خمس دول هي البرازيل وروسيا والهند والصين وجمهورية جنوب إفريقيا التي انضمّت في عام 2011. و”بريكس” هو مختصر الأحرف الأولى من أسماء الدول باللغة الإنكليزية. للأنظمة الاقتصادية لأعضاء المجموعة تأثير كبير في الأسواق فجميع البلدان المدرجة في هذا التجمّع متحدة بمفهوم عالمي، وهو اقتصاداتها النامية.
لدى المنظمة أهداف طموحة تتمثل في الحدّ من عواقب الأزمة الاقتصادية العالمية، وتحسين نوعية حياة السكان، والدعوة إلى الانتقال التدريجي إلى التكنولوجيات العالية في مختلف القطاعات، إضافة إلى أن الدول المشاركة تلتزم بالمساواة وتحافظ على الاحترام المتبادل، كما أنه ليس للمنظمة أيّ مقر أو أمين عام أو قواعد أو نظام أساسي.
وافقت كتلة بريكس للدول النامية في آب من العام الماضي على انضمام السعودية وإيران وإثيوبيا ومصر والأرجنتين والإمارات العربية المتحدة، وتم انضمامهم في قمة “بريكس” الخامسة عشرة التي عُقدت في جوهانسبرج، وهي أول قمّة تتم استضافتها منذ ظهور جائحة كوفيد-19، ودخلت عضويتهم الكاملة حيّز التنفيذ في 1 كانون الثاني 2024.
أبدت أكثر من 40 دولة اهتماماً بالانضمام إلى “بريكس”، حيث تقدّمت 22 دولة منها رسمياً بطلب الانضمام. وفي هذا السياق قال رئيس جنوب إفريقيا ماتاميلا سيريل رامافوسا: “نحن نقدّر اهتمام الدول الأخرى ببناء شراكة مع بريكس. لقد أصدرنا تعليماتٍ لوزراء خارجيتنا بمواصلة تطوير أنموذج الدولة الشريكة لبريكس وقائمة الدول الشريكة المحتملة وتقديم تقرير عنها بحلول القمة المقبلة”. ويعكس قرار توسيع المجموعة إرادة دول بريكس الحالية. ومع انضمام الدول الجديدة، أصبح التكتل يمثل الآن 37.3% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. ويعزّز هذا التوسع أيضاً تمثيل بريكس في مناطق مثل الشرق الأوسط وإفريقيا، كما تخطط المجموعة أيضاً لإطلاق نظام الدفع الخاص بها، الذي يمكن استخدامه في البلدان المشاركة. وبالإشارة تحديداً إلى أهداف المنظمة وأنشطتها وقيادتها، يُعقد اجتماع رئيسي للقادة كل عام في إحدى الدول الأعضاء في المنظمة في تقليد يعود إلى عام 2009، أي في وقت مبكر من القمة الأولى.
ليس لمجموعة بريكس رئيس دائم، حيث يتم تنسيق العمل من الدولة المنظمة طوال سنة رئاستها. لقد تم اتخاذ قرارات مهمّة في المفاوضات، ولا سيما اتفاقيات التعاون الوثيق في مجالات الطاقة والصحة والعلوم والتكنولوجيا، إضافة إلى أن عمل المنظمة لا يقتصر على الاجتماع السنوي لرؤساء الدول والحكومات، حيث يعمل داخل المنظمة العديد من الجمعيات في مختلف المجالات، وتنفذ المهام المحدّدة في القمة، كما يتم تنفيذ أنشطة بريكس من خلال هياكل منفصلة تم إنشاؤها في أوقات مختلفة.
تختلف جميع البلدان المشاركة من حيث الثروة والتنمية الاجتماعية والعلوم، ولكن لديها شيء واحد مشترك هو ارتفاع معدلات التنمية الاقتصادية في دول بريكس. وللتجمّع أهداف عالمية تسعى إلى تحسين العلاقات الاقتصادية في العالم. وهذا هو السبب وراء إنشاء مجموعات عمل لإجراء الأبحاث واتخاذ قرارات مستنيرة لمعالجة المشكلات.
لدى مجموعة بريكس خطط طموحة، حيث من المتوقع أن تشهد الهند نموّاً غير مسبوق، كما يعتقد الخبراء أن الصين، وكذلك الهند، سوف تصبحان رائدتي العالم في توريد السلع المصنّعة. ومن المتوقع أن تحتل هذه الدول المرتبة الأولى من حيث تقديم الخدمات، بالإضافة إلى ذلك تم تعيين روسيا والبرازيل لدور المورّدين الرئيسيين للمواد الخام في العالم. إن مثل هذا التوحيد الاقتصادي للدول لا يضمن، بل يوفر إمكانية ظهور كتلة قوية ذات سلطة صالحة. ومع قيادة الدول المشاركة في العديد من المجالات، قد تصبح الولايات المتحدة في وضع غير مواتٍ وتفقد دورها كمركز للتكنولوجيا والإنتاج والاستهلاك.
إضافة إلى كل ما ذكر، تلتزم مجموعة بريكس بتحسين حياة كل فرد من مواطنيها. قد يحدث هذا ببطء، لكن المنظمة تقوم بعمل استثنائي في هذا الصدد.
عناية ناصر