المواجهة الناعمة..!
غسان فطوم
اعتاد المواطن على جلسة “المصارحة الشفافة” بين الحكومة وأعضاء مجلس الشعب، فهو يدرك مسبقاً أنها تندرج في سياق أداء الواجب الذي يقتضي بحسب الأنظمة والقوانين المواجهة بين الحكومة وممثلي الشعب، والذي يفضّل البعض وصفها بالمواجهة الناعمة، لأنها دائماً تنتهي بالمصافحة بين الطرفين (لا غالب ولا مغلوب)، ليبقى المواطن يعاني وهو يسمع وعوداً حكومية ومداخلات برلمانية لا تغني ولا تسمن من جوع!!
وللأمانة، هناك أصوات برلمانية جريئة تعلو تحت القبة تعبّر عن النبض الحقيقي للشارع المرهق من قرارات الحكومة التي جعلت ليله كوابيس مرعبة، لكن “شو نفع الحكي” أمام قلة الفعل؟!
السيد رئيس الحكومة وصف مداخلات أعضاء مجلس الشعب بالموضوعية، واعتبرها انعكاساً لمطالب واحتياجات المواطنين. وبالتأكيد لا يستوي أن تقول وتؤكد الحكومة إنها حريصة على تأمين حاجة السوق المحلية من العديد من المواد والسلع الرئيسية، وهي تعلم أن الرواتب لا تكفي لبضعة أيام، ولو قام المعنيون في وزارة التجارة الداخلية و”حماية” المستهلك بجولة على الأسواق سيرون أنها تشكو من قلة عمليات البيع، فالناس تتفرج وتتحسّر، وترفع يدها للسماء أن يفرّج حالها بعد أن فقدت الأمل بمن بيدهم “الحل والربط”.
ثمّة أمر آخر، فمن لا يعملون في الدولة يسألون: ما حصتنا نحن من “جيبة” الحكومة بعد أن رصدت ألف مليار ليرة سورية من خارج كتلة الرواتب لأنظمة الحوافز المخصّصة للعمل الإنتاجي المباشر للعاملين في مؤسسات الدولة؟.
هو سؤال مشروع، وهم يرون أن الدعم يُسحب منهم تدريجياً، فلا سكر ولا رز ولا زيت، ولا خبز بمواصفات جيدة.. حتى البنزين “المدعوم” كل يوم بسعر وبات قريباً من السعر الحر!، عدا عن زيادة أسعار المازوت الصناعي التي سيكون لها انعكاسات سلبية على الحياة المعيشية.
اليوم، في ظلّ هذه الظروف الصعبة، نحن أحوج من أي وقت لإعادة هيكلة برامج الدعم الاجتماعي بكافة فئاته حتى يصل إلى مستحقيه، فالحكومة هي أم الشعب وعليها أن تكون حنونة بقراراتها، وكريمة بعطائها لتعزيز حياة المواطنين بما يتوافق وتقلبات الأسعار المجنونة، والسؤال هنا: ما الذي يمنع من الانتقال من دعم السلع إلى دعم الأسر نقدياً وفق معايير عادلة؟!