حسن المرعي: لم يأبه النقاد لشعري والملتقيات تمنح الفرص لأرباع الشعراء
هويدا محمد مصطفى
يكتب الشاعر حسن المرعي القصيدة العمودية برؤى فلسفية تصويرية وبذكاء المحترف، لتجد قصيدته تدخل أعماق المتلقي وتستولد الأسئلة، في رصيده ثلاث مجموعات، سنتعرّف عليها وعلى تجربته الشّعرية من خلال هذا الحوار.
كيف كانت بدايتك وكيف تعرف القارىء على الشاعر حسن مرعي؟
ولدت في قرية الثّابتيّة التابعة لمحافظة حمص، وهي قريةً تقع إلى الشرق من مركز المدينة بمسافة لا تزيد عن العشرين كيلو متراً، ودرست المرحلتين الإبتدائية والإعدادية في مدارس قريتي، ثمّ أتممت الثانوية في مدرسة قرية فيروزة، وبعدها انتسبت إلى الكلية الحربية لأتخرج ضابطاً في الجيش العربي السوري، وبدأت رحلتي مع الشعر باكراً، إذ كانت قصيدتي الأولى التي نشرتُها لاحقاً وأنا في الخامسة عشرة من عمري، وتتالت تباعاً قصائدي التي أكتبها وأحتفظ بها، وطبعت ديواني الأول “حديث الجوى” في عام ١٩٩١، وفي عام ١٩٩٩طبعت ديواني الثاني “مرايا الروح” وهو الأقرب إلى قلبي، وفي عام ٢٠٠٢م طبعت الديوان الثالث “عرائس الأمطار بين الشيح والغبار”، وتعرفت في هذه الفترة على بعض المهتمين بالأدب وصناعته، وأُعجبَ الدكتور عبدالله أبو هيف بشعري فنشر لي الكثير في “جريدة الأسبوع الأدبي” الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب، وحصلتُ على جائزة أدب الشباب في محافظة حمص آنئذ، كما حصلت على المركز الأول بجائزة الجولان الشعرية بدورتها الأولى بقصيدتي “أنخاب وطن”.. لم يأبه النقاد لشعري لأني لم أدرس في جامعة ولأني كنت بعيداً عن العاصمة، لكن كنت على اتصال وثيق بفرع درعا لاتحاد الكتاب العرب، وقد أولاني رئيسه في تلك الفترة اهتماماً كبيراً، فوقفت أكثر من مرة على منابر الثقافة فيها، وبعد انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بدأت بنشر قصائدي على صفحتي وعلى صفحات المجلات التي كانت تنشر لي كل ما أرسله لها، وهكذا إلى أن أصبح اسمي معروفاً تناولت في شعري الغزل من باب قلَّ سالكوه من الشعراء، فلقصيدتي الغزلية ثوب واضح من التغزل بالمرأة لمن أراد أن يقرأها بظاهرها الغزلي، ولمن أراد أبعد من المفاتن الجسدية فعليه أن يمتلك مفاتيحَها التي لا تتعدى ما سلكه الشعراء المتصوفة، حيث أفرغت ما في جعبتي من فلسفة أؤمن بها، وألبستها جسد المرأة الجميل، فكانت “ليلى” و”سلمى” تتقاسماني معرفةً راقية تتعدى أبعادَ مفاتنهما الظاهرة إلى أسرار المعرفةِ الفلسفية التي أعتقدُ.
تكتب القصيدة العمودية.. ماذا تحدثنا عن تجربتك الشعرية؟ وما رأيك بالحداثة وما نراه عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟
أنا ذو ذائقة شعرية ألفت الأوازان الخليلية منذ نعومة أظفاري ولا أجدني خارجاً عنها إلّا في بعض النصوص النثرية التي أناطها غيري بالشعر، أما أنا فأعدها نثراً فنياً ليس إلّا، ولولا وسائل التواصل الإجتماعي كالـ”فيسبوك” لما كان لي قصيدة تقرأ أو صوت يسمع، لكن هذه الوسيلة لا تحتاج إلى واسطة تقربك من المتسنمين كراسي الثقافة زلفى، إنها توصلك وقصيدتك إلى جمهور يقرأ وينقد ويقول لك: “أحسنت أطربتني”، وقلَّ في هذه المرحلة الاهتمام بالأدب والشعر ومن كل الجهات، إلا ما نراه الآن على مواقع التواصل الاجتماعي من مجموعات ومجلات إلكترونية تنشر الكثير غثاً وسميناً وهذا ما جعل شعري ينتشر بين هذه المجاميع التي آنست به شعراً وليس نظماً خالي الوفاض، أو كلمات سوريالية لا مطر فيها.
ما القصيدة الأولى التي ما تزال عالقة بذاكرتك؟
القصيدة الأولى، أقول هذه أول قصيدة كتبتها:
هٰذي ثَروتقريتيْ
هٰذي أنامِلُ قِسْمتيْ ومَتاعُ عُمْريْ
مِنْ دروبِ الحُبِّ..هٰذي ثَروتيْ
أشلاءُ ذِكرىٰ بالفؤادِ سواكِنٌ
عاشتْ عليها في اللّيالي مُهْجتي
وترنَّحتْ مِنْ نخْبِها حتّى الثُّمالةِ ليلتيْ
آلتْ يميناً أنْ ترافقَ رحلَتيْ
وتظلَّ قُربيْ كاللّياليْ السّالِفاتِ بقِصّتيْ
فتُذيبُ قلبيْ.. وهي صامِدةٌ بدربيْ
ما عليها أنْ تَقاذفَنا القَدَرْ
مُتناسياً أنّا بَشَرْ…
فالهجْرُ مِنْ عاداتِها… وإلٰهُهُ في قريتيْ
متى تكتب؟ وهل الحالة النفسية تلعب دوراً في ولادة القصيدة؟
أقول إنه الوقت الذي أكون فيه ممتلئاً بعواطف جياشةٍ لموضوع القصيدة علاقة بها، وأجد نفسي مما ذكرت أنا في كل ما ذكرت، لكن للمرأة وجود واجب في كل قصيدة أكتبها حتى لو كانت رثاءً.
بمن تأثرت من الشعراء ولمن تحب أن تقرأ دون ملل؟
لقد تلمذتُ نفسي على كل قصيدة جميلة، لكن كان للشعر الجاهلي النصيب الأوفى في محفوظاتي، وأحببت الجواهري، وعمر أبو ريشة، ونزار قباني، وبدوي الجبل، وحامد حسن، وكل من قال جميلاً.
هل تعدّ الملتقيات الثقافية رافداً للحركة الثقافية؟
الملتقيات الثقافية هي الظاهرة المسيطرة، لكن تحكمها أمور ليس لها علاقة بالأدب وخاصة ما تترجمه على المنابر الثقافية فأغلب الدعوات لأرباع الشعراء.. للأسف.
ماذا يقدم النقد للقصيدة؟ وماذا قدم لك كشاعر؟
لم يقدم النقد إليّ شيئاً حتى الآن، سوى بعض الآراء النقدية من قرائي الذين أحترمهم وأحترام آراءهم، ولو كان هناك نقداً للنصوص الشعرية لكان الواقع أفضل، وعلينا تقبل النقد لأنه يرفع من سوية النص الشعري.
لفت انتباهي عناوين مجموعاتك الشعرية “حديث الجوى” و”مرايا الروح” و”عرائس المطر”، هل العنوان بوابة العبور إلى الكتاب؟
عناوين دواويني، ولها علاقة بمضامينها، وكل ما طبعته هو قفزة أولى على طريق الأدب، أما الوطن فهو في كل ما تبسمتْ به ليلى قصيدتي وكل كأس نادمتني به ليلاي الجميلة.
ماهي مشاريعك المستقبلية؟
حالياً ليس لدي أي مشروع لطباعة أي كتاب، فالوضع كما ترين، ولا مؤسسة ثقافية تعين فقط لدي مشاركات عدة في بعض المراكز الثقافية.