خطوة تاريخية مع وقف التنفيذ
تقرير إخباري
صدرت قرارات وإجراءات محكمة العدل الدولية في لاهاي بالدعوى التي تقدّمت بها جنوب إفريقيا ضدّ العدوان الإسرائيلي على غزة، والمجازر والإبادات الجماعية التي ارتكبتها قوات الكيان بحق المدنيين العزل فيها، ورغم حالة حبس الأنفاس والترقّب الدولي لتلك القرارات إلا أنها للأسف لم تُثلج الصدور؛ فصحيح أن القرارات والدعوى صُنّفت على أنها تاريخية، واستُقبلت بالفرح والترحيب والتهليل، كما تركت أثراً سلبياً على الكيان الصهيوني الذي وجد نفسه مداناً مذنباً أمام العالم برمته للمرة الأولى، وتم الاعتراف بالمعاناة الفلسطينية من قبل المحكمة -وهذا الشق الإيجابي الذي لا يمكن نكرانه- لكن في الوقت نفسه فإن تلك المقررات لم توقف القتل والمجازر الإسرائيلية وبقيت خجولة مقتصرةً على التلميح، فالمحكمة لم تصدر قرار إدانة صريح بحق “إسرائيل”، بل على الأقل لم تصدر في الشق العاجل قراراً بوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، بغض النظر إن كانت المحكمة تحتاج الوقت على مبدأ “ليس لقاضٍ أن يحكم بعلمه”، لكننا بالمقابل شاهدنا تلك المحكمة تخالف تلك القاعدة وتتعجل بإدانة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ”جرائم حرب” لم يرتكبها، مدعين أنه “تسبب بقتل 8 آلاف مدني في روسيا وأوكرانيا” حسب إحصاءات غربية لا نعلم على ماذا استندت، كما أدانته بـ”خطف الأطفال الأوكران” ودون أي دليل. بينما خشيت تلك المحكمة من “التسرّع” في قرار يمكنه إيقاف قتل شعب يُذبح حتى اللحظة، وذهب منه ضحايا تقدّر أعدادهم بنحو مئة ألف قتيل وجريح في غضون ثلاثة أشهر، بل وتم تهجير 1,9 مليون منهم وقصفهم رغم تغيير وجهاتهم، وكل ذلك وفقاً لإحصاءات منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات الإنسانية الحيادية، كما أنهم محاصرون في أسوار تشبه أسوار المعتقلات، وقطعت عنهم كل أسباب الحياة وهو ما يشكل إبادة جماعية بحد ذاته وفقاً لكل الأعراف الدولية، وهذا كله لم ولن يحدث في أوكرانيا، ما يؤكد كم سياسة الكيل بمكيالين الغربية وكم ضغوط معسكرهم على المحكمة التي لم تجرؤ على القول، إن “نتنياهو وقادته مجرمو حرب ومتطرّفون” رغم الفيديوهات التي تظهرهم وهو يدعون لقتل وإبادة الشعب الفلسطيني.
لقد بقي قرار العدل الدولية عائماً ولم يدخل التاريخ بعد، بل ما زالت “إسرائيل” تخطط لتوسيع جبهة العدوان برعاية الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي أبرم آخر صفقة لتسليحها بالطائرات والمروحيات قبل صدور قررات المحكمة بيوم واحد، حتى لا يظهر فظاً بعين المحكمة، ولكن بغض النظر عن كم تقديره للمحكمة فإن كم الطائرات والمروحيات يظهر أنها ليست لقتل مدنيي غزة، بل لخلق توترات وصراعات أكبر، نأمل أن تكون الشعوب في المنطقة على أتم الوعي تجاهها، وعدم ركونهم لأي مبادرات تخديرية عقيمة ينقصها التنفيذ وحتى على الأقل حسن النوايا من كيانات مصطنعة لا تحترم القانون الدولي ولا الإنسانية على مرّ العقود.
بشار محي الدين المحمد