رياضةصحيفة البعث

دوري الدرجة الأولى لكرة القدم ينهي دوره الأول بعثرات وعقبات وانسحابات

ناصر النجار
أيام قليلة وينهي دوري الدرجة الأولى لكرة القدم مبارياته للرجال بعد انتهت مبارياته بفئة الشباب قبل أيام في المجموعات الأربع، وللأسف رافق هذا الدوري الكثير من العقبات التي دلت على عدم جدية بعض الفرق واحترامها لقدسية المسابقة التي أثبتت فشلها بأسلوبها الحالي، وهذا الأمر برمته يفرض على اتحاد كرة القدم إعادة النظر بنظام المسابقة حتى لا تتحول إلى مسابقة أشبه بالأحياء الشعبية تسير على هوى الفرق، فتحضر المباريات متى شاءت وتتخلف عنها متى أرادت.
والقضية برمتها صارت هزيلة وتحتاج إلى ضوابط وقوانين ردعية تجبر الأندية على استكمال المسابقة بالجدية نفسها التي بدأت به الموسم الكروي.
الأسباب التي دعت إلى تخلف الفرق عن بعض المباريات واعتذارها عن متابعة المشوار في الدوري هي أسباب فنية بحتة، لأن أغلب المعتذرين إما هم من الهابطين إلى الدرجة الثانية بفعل النتائج أو فقدوا الأمل بالمنافسة، ومع ذلك جاءت كتب اعتذارهم معللة بالأسباب المالية أو بأسباب لوجستية متعلقة بالنقل والمواصلات.
ففي دوري الشباب اعتذر نادي الصنمين ونادي عفرين وتخلف نادي تل براك عن مباريات الإياب دون عذر، وفي الرجال انطلق الدوري بغياب أهم فرقه وهو المحافظة الذي اعتذر لعدم استعداده، وربما كان تغيير الإدارة سبباً لم يمكن الإدارة الجديدة من تشكيل فريقها فهبطت كرة النادي إلى الثانية، ثم اعتذر نادي الجزيرة عن متابعة مبارياته الأربع المتبقية في الدوري، وقد تكون رؤية إدارة النادي اتجهت لتخفيف المصاريف والنفقات مادام رجالها لم يحققوا المطلوب وهو بطبيعة الحال آخر الترتيب، ولم يقتصر الحال على هذين الفريقين بل إن فريق التل اعتذر عن آخر مباراة له في الدوري ومثله فعل فريق حرجلة مادامت المباراة الأخيرة غير مؤثرة على الترتيب، وهذا الكلام يدل على الجهل الغارقة به أنديتنا، أما فريق دوما فحتى يخفف نسبة الأهداف التي يتعرض لها في المباريات فيعمد إلى ادعاء الإصابة بين لاعبيه لتتوقف المباراة لعدم وجود العدد الكافي من اللاعبين على أرض الملعب، ولا ندري ما سيكون حال بقية المباريات المتبقية من الدوري، فهل ستستكمل أم سنشهد فيها انسحابات جديدة؟
والحال نفسه يجري في كأس الجمهورية، ولنا أن نعلم أنه انسحب من كأس الجمهورية في الدورين الأول والثاني ثمانية فرق فقط بما يعادل ربع الفرق المشاركة، ولما تنته المسابقة بعد، وربما شهدنا انسحابات أخرى في الأدوار القادمة.
القضية هذه يجب أن تناقش من زاويتين اثنتين الأولى: هيبة المسابقات الرسمية وقدسيتها، وعليه فالمتوجب على اتحاد كرة القدم أن ينتصر لمسابقاته وأن يعتبر قراراته مقدسة، وكما نلاحظ فإن التعامل مع الكثير من المسابقات يكون رخواً وحسب ما تطلبه الفرق وهذا ما لا نجده إلا في مسابقاتنا، وعلى سبيل المثال: مباريات كأس الجمهورية تقرر في ملاعب محايدة ضماناً لما يسمى العدالة والتكافؤ، ثم نجد أن الأندية الغنية سحبت الأندية الفقيرة إلى ملاعبها بعد أن أغرتها بحفنة من المال على مرأى من اتحاد كرة القدم وموافقته، وفي حالات الدوري الوضع أدهى وأمر، وكما شاهدنا فإن العديد من الفرق لم تلتزم بالمباريات الأخيرة في جدول الدوري سواء بدوري الرجال والشباب، وهذه الفرق كانت حساباتها تجارية وليست فنية، فوجدت أنها ستتكلف على مباراة واحدة الكثير من المال بين نفقات المباراة والسفر وتعويضات اللاعبين، لذلك فالاعتذار عن مباراة أهون من دفع هذه النفقات، ورغم أن هذه الأندية هاوية إلا أنها تدفع تعويضات شهرية للاعبيها وهذا ما سعت إليه الأندية التي اعتذرت مؤخراً لتتجنب دفع تعويضات شهر كامل للاعبيها وكوادرها.
لذلك لن نتأمل من هذه الأندية خيراً مادامت نظرتها لكرة القدم تقوم على حساب الميزان التجاري وليس الميزان الفني، والحلول الواجبة هنا مطلوبة من اتحاد كرة القدم بإقرار الهبوط لأي فريق يتخلف عن أي مباراة في الدوري مهما كانت الأسباب والمبررات، فقدسية الدوري أهم من كل ما تسوقه الأندية من أعذار.
الزاوية الثانية تتعلق بموضوع الدوري وجدواه، ودوماً السؤال المطروح: ما الغاية من الدوري وما جدواه على الصعيد الفني أو على صعيد بناء اللعبة وتطويرها؟
في البداية فإن أسلوب الدوري غير ناضج ولا يمكن أن تحقق كرة القدم السورية أي فائدة منه، وربما الفائدة الوحيدة هي أن الدوري موجود.
شكل الدوري غير مفهوم، ونجد فيه لاعبين من أعمار شتى، بعضهم من المخضرمين الذين تجاوزوا سن الاعتزال، وبعضهم من لاعبي فرق الأحياء الشعبية، ولا يوجد أي بارقة أمل في فريق يعمل لمصلحة تطوير كرة القدم، فالغاية هي تجميع لاعبين وتقديم كشوف وتعيين مدرب، والمشاركة بالدوري من باب التسلية وإشباع الرغبة في كرة القدم، وكل ذلك يتم دون خطة أم مشروع ممنهج أو استراتيجية، لذلك نجد الفرق على حالها كل موسم دون تقدم أو تأخر.
من الناحية العملية فإن دوري تلعب فيه الفرق بضعة مباريات في شهرين ثم تغلق أبوابها بقية الموسم هو دوري هزيل ودوري الأحياء الشعبية أفضل منه لأنه يحافظ على ديموميته!

الآن انتهى الدوري في دوره الأول ومعه توقفت حياة عشرين فريقاً، من الأول من شباط وحتى تشرين القادم ستغلق هذه الأندية أبوابها فما الفائدة منها ومن الدوري؟
وكما يقال ونسمع كل يوم أن الأندية هذه في عجز مالي دائم وليس لديها استثمارات أو موارد مالية ثابتة، لذلك نسأل: لماذا يتم حشر 28 نادياً في الدرجة الأولى، وأغلبها لا يملك مقومات كرة القدم، وليس لديه الموارد الكافية لسد حاجاتها، ومن الصعب أن يطورها أو يبنيها؟
هنا دور اتحاد كرة القدم، فالاعتماد على أندية الدرجة الممتازة في بناء وتطوير كرة القدم لا يكفي، لذلك من المفترض التوجه نحو دوري الدرجة الأولى بآلية جديدة فيها من النضوج الكثير، ويتم ذلك عبر اختيار نصف هذه الفرق من القادرة على رعاية كرة القدم لتلعب دورياً كاملاً شبيهاً بدوري الدرجة الممتازة غير مجزأ أو منقوص، مع وضع ضوابط عديدة لهذا الدوري، منها عدم وجود أكثر من ثلاثة لاعبين تجاوزوا سن الثلاثين، والعناية بالشباب ورعايتهم، مع تقديم الدعم المالي واللوجستي لهذه الأندية لتتمكن من النهوض وتحقيق الخطوة الأولى في عالم رعاية كرة القدم.
دون ذلك لن تحيا كرتنا وستبقى على حالها وسنبقى نبحث عن لاعبين في المغترب وربما اضطررنا يوماً لتجنيس بعض اللاعبين!