المواد العلفية بين صعوبة الإنتاج والتأمين ومعوقات الرقابة المخبرية
دمشق – زينب محسن سلوم
تساؤلات متكرّرة لدى أغلب المربين حول موضوع الأعلاف وتأمينها والرقابة على جودتها ونوعيتها، ومحتواها من المواد المغذية للثروة الحيوانية، وفي هذا الصدد بيّن محمد خير اللحام، مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة والاستصلاح الزراعي، في لقاء مع “البعث”، أن التغذية بالأعلاف تشكّل نحو 70-75% من كلفة تربية الحيوانات في القطاع الزراعي الحيواني، ما يحتّم الاهتمام بها لدعم عمليات التربية والتسمين للثروة الحيوانية، من خلال الحرص على تأمين أعلاف جيدة بهدف رفع الإنتاجية وزيادة هامش الربح، ما ينعكس على المربي وعلى سوق الأغذية عموماً بشكل إيجابي، منوهاً بأن ارتفاع أسعار المواد العلفية المركّبة نتيجة الظروف التي يعانيها القطر والحصار المفروض على الشعب السوري، وقلّة الأعلاف الخضراء المالئة، أدّت إلى لجوء المربين إما لتغذية حيواناتهم على أعلاف أقل جودة، وإما لبيع قسم من القطعان لإطعام ما تبقى منها.
وبيّن مدير الإنتاج الحيواني أن العقوبات الأحادية، وما يرافقها من ارتفاعات عالمية في أسعار الأعلاف والمواد الداخلة بها، وما يشهده العالم من ارتفاعات كبيرة في كلف الشحن البحري، ناهيك عن الحروب والنزاعات، أثر على أسعار المواد الخام العلفية مثل “الذرة الصفراء، فول الصويا” التي كانت تأتي في معظمها من روسيا وأوكرانيا، مشيراً إلى توجّه الوزارة نحو تخفيف الاستيراد عبر الاعتماد على البدائل العلفية المحلية وزراعتها محلياً، ولاسيما الذرة الصفراء التي كانت الأكثر استيراداً من ضمن المواد العلفية، حيث تقوم الوزارة عبر فرق إرشادية منذ عام 2022 بعقد ندوات وورشات للتشجيع على زراعتها في المحافظات والتعريف بأفضل أصنافها، والخطط والممارسات الواجب اتباعها للحصول على محصول مثالي وذي إنتاجية عالية من المادة، فضلاً عن التعريف بأهميتها الإستراتيجية للقطاع الزراعي والاقتصاد ككل لكونها تحقق التكامل بين قطاعي الإنتاج النباتي والحيواني. كذلك تكاملت مع تلك الجهود الخطوات العملية للمؤسسة العامة للأعلاف التي أبدت استعدادها التام وجاهزيتها عبر مراكز فروعها لاستلام محصول الذرة الصفراء من الفلاح وفق سعرٍ مجزٍ يضمن هامش ربح جيداً لكافة المنتجين.
ولفت مدير الإنتاج الحيواني إلى أن تلك الخطوات أدّت إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع لجهة تخفيف الاستيراد؛ ففي عام 2019 كنا أمام إنتاج محلي للذرة يبلغ 215309 أطنان، مقابل استيراد 765643 طناً، أما في العام الماضي فقد وصلنا إلى إنتاج محلي يبلغ 560988 طناً مقابل 304449 طناً مستوردة.
ولم يخفِ اللحام جملة الصعوبات التي واجهت الفلاحين، وخاصة المجففات اللازمة لتجفيف المحصول وتخفيض رطوبته بما يسمح بالتخزين، لافتاً إلى أنه يوجد حالياً مجففات في حلب والرقة ودير الزور ومنطقة الغاب، كما تعمل مؤسسة الأعلاف على إعادة تأهيل المجفف العائد لها في دير حافر بريف حلب الذي تعرّض مع مجموعة من المجففات التابعة للمؤسسة المذكورة للنهب والتخريب على أيدي التنظيمات الإرهابية خلال الأزمة.
وأوضح اللحام أنه لا يوجد اختلاف جوهري في نسب المكونات الغذائية الموجودة في الأعلاف المنتجة وطنياً مقابل تلك التي يتمّ استيرادها إلا بنسب بسيطة تعود لنوعية التربة ومحتواها من العناصر المعدنية، إضافة إلى طبيعة المناخ السائد.
وتابع: يكمن الاختلاف في كمية المحصول الناتج، حيث تكون البذار الهجينة المستوردة، ففي محصول الذرة الصفراء يمكن إنتاج 9 أطنان من الذرة لكل هكتار، بينما البذار الوطني يعطي إنتاجية تُقدّر بـ4 أطنان للهكتار الواحد في أفضل حالاته، مبيناً أن المشكلة تكمن في أن البذار المستورد هو بذار هجين ومخصّص لجيل واحد من الزراعة ولا يمكن جني البذار منه لموسم قادم.
وأوضح مدير الإنتاج الحيواني أن أهم الأعلاف المستخدمة في تغذية الثروة الحيوانية للمجترّات الكبيرة والصغيرة هي الذرة والنخالة والشعير والأكساب، والمتمّمات العلفية من فيتامينات وأملاح معدنية وأحماض أمينية وغيرها من المواد اللازمة، أما بالنسبة للدواجن فيتمّ الاعتماد أيضاً على الذرة الصفراء وكسبة فول الصويا، والمتممات من فيتامينات وأملاح معدنية، وأحماض أمينية وغيرها.
وبيّن اللحام أن الوزارة تقوم عبر مديرية الإنتاج الحيواني بالرقابة على المواد العلفية الخام والمصنّعة، سواء للمنتجة محلياً أو المستوردة، حيث تقوم دائرة الرقابة العلفية فيما يخصّ المواد العلفية المستوردة عبر لجنة مكلفة بأخذ عينات رقابية أصولية من المواد أو حتى الإضافات العلفية على البواخر أو الشاحنات أو الحاويات في منافذ الحدود، ومن ثم إرسال العينات إلى المخابر المختصة بعد دراسة الوثائق المرفقة للإرساليات المختلفة والتأكد من صحتها والإفراج عن المواد المستوردة، في حال مطابقتها للشروط والمواصفات المحدّدة ضمن القرارات المرعية.
وبالنسبة للمواد المنتجة محلياً، تقوم لجان الضابطة العدلية الخاصة بالرقابة على المواد العلفية المحلية بأخذ عينات رقابية شهرية منها من المواد الخام والمصنّعة ومن الإضافات العلفية من معامل الأعلاف وإرسالها إلى المخابر المختصة لتحليلها بالآلية ذاتها المذكورة أعلاه، لمنح الترخيص النهائي لها كشرط إلزامي للترخيص، مضيفاً: تمّ في العام الماضي سحب 333 عينة رقابية مستوردة، و154 عينة محلية، كما بلغ إجمالي المستوردات من المواد العلفية والإضافات نحو 498489 طناً.
وبالنسبة لمخابر تحليل الأعلاف، بيّن مدير الإنتاج الحيواني أنه يتبع للمديرية مخبران معتمدان في دمشق وطرطوس، يقومان بتحليل الأعلاف والإضافات بمختلف أنواعها وفق أحدث التجهيزات المخبرية ويضمّان محللين ومخبريين متمرسين لضمان الحصول على أفضل وأدق نتائج التحليل، وتقوم الوزارة برفد المخابر بأجهزة حديثة ضمن الإمكانيات المتاحة، واللوازم من زجاجات ومواد ضرورية، فضلاً عن تحديث طرق التحليل ورفع جودتها، مبيناً أنه ورغم ذلك إلا أن قطاع المخابر يعاني جملة من المعوقات والصعوبات، لجهة صعوبة الصيانة وعدم توفر القطع التبديلية وغلاء قيمتها المالية، وصعوبة تأمين بعض المواد الكيميائية اللازمة للتحاليل، كذلك تعاني المخابر من تسرّب اليد العاملة الخبيرة، وحاجة المخبر المؤقت في دمشق “أقيم بعد تدمير مخبر الأعلاف المركزي في الحجر الأسود بفعل الإرهاب” إلى المزيد من المعدات والبنى التحتية وتخصيص مبنى ملائم، وتأمين الكهرباء، مضيفاً: أجري في المخبرين التابعين 9450 تحليلاً خلال عام 2023.