“الأونروا” نتيجة مباشرة للاحتلال الإسرائيلي
تقرير إخباري
وافق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على التحقيق في حيادية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”. وستشارك ثلاث منظمات بحثية في المراجعة المستقلة، هي معهد راؤول والنبرغ في السويد، ومعهد ميشيلسن في النرويج والمعهد الدنماركي لحقوق الإنسان، وستقود هذه المجموعة وزيرة الخارجية الفرنسية السابقة كاثرين كولونا.
تعدّ مراجعة اللجنة الأحدث في سلسلة من التحرّكات التي يقودها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يستغل الكارثة الإنسانية الناجمة عن العدوان العسكري الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية كوسيلة لدفع الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني. وقد سحب المانحون الرئيسيون للأونروا بالفعل دعمهم المالي، وقامت “إسرائيل” بقصف مباني وكالة التنمية البلجيكية في غزة، بعد أن أعلنت الحكومة في بروكسل أنها ستواصل تمويل “الأونروا”.
ترفض “إسرائيل” حتى الآن الكشف عن ملفّها الاستخباراتي، معتبرة أن الادّعاءات الموجّهة ضد موظفي “الأونروا” هي السبب الرئيسي لحجب المعلومات. وزعمت الولايات المتحدة أنها لم ترَ الأدلة، لكنها لا تزال تصرّ على أنها ذات صدقية عالية للغاية وفقاً لوزير الخارجية أنتوني بلينكن. ومع ذلك، ونظراً لأكاذيبها المعتادة، وحقيقة أن “إسرائيل” لم تقدّم أي دليل علني حتى الآن، لا تزال الولايات المتحدة تقدّم الدعم لرواية نتنياهو بأن مهمّة “الأونروا” يجب أن تنتهي. وذكرت “القناة الرابعة” في المملكة المتحدة، التي حصلت على نسخة من الملف، أنه لا يوجد دليل داعم في الوثيقة يثبت الادّعاءات التي قدّمتها “إسرائيل”.
ومع ذلك، أوقفت “الأونروا” بالفعل موظفيها الذين زعمت “إسرائيل” أنهم شاركوا في عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول. إن الخلاف الذي أثارته “إسرائيل” ليس مع أفراد الوكالة الذين تزعم “إسرائيل” مشاركتهم في الهجمات، بل مع وجود الوكالة وعملها الذي يوفر شريان الحياة الذي تشتد الحاجة إليه للاجئين الفلسطينيين. وبالتالي فإن حياد “الأونروا” هو مفهوم تحاول “إسرائيل” تدميره، على الرغم من أن الحياد نفسه محمّل بالتبعات، التي يعود الكثير منها إلى الاحتلال “الإسرائيلي” والعنف والإبادة الجماعية، فضلاً عن حق الفلسطينيين المشروع في العودة.
قامت الأمم المتحدة بتطبيع التطهير العرقي الذي تمارسه “إسرائيل” ضد الفلسطينيين في عام 1948، إلى درجة أنها ألغت أيضاً كل المساءلة السياسية لـ”إسرائيل” في نسختها من حق العودة للفلسطينيين، واصفة الكيان الاستعماري بجيران الشعب الفلسطيني. وتضطرّ “الأونروا” إلى العمل بشروط مماثلة، حيث تعتمد في بقائها على المانحين من بين شركاء “إسرائيل”، بينما تُجبر أيضاً على عدم اتخاذ موقف حازم في مساعيها الإنسانية. وفي العديد من البيانات التي أصدرتها الوكالة في الماضي، تم استبعاد “إسرائيل” بالكامل من رواية العنف التي فرضتها على الفلسطينيين منذ عام 1948.
خلاصة القول، أنه إذا أوقفت “الأونروا” عملياتها، فإن الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة والأردن وسورية ولبنان سيواجهون خطر المجاعة الجماعية، وليس فقط سكان غزة.
إن المجتمع الدولي يقوم بهذه اللعبة جنباً إلى جنب مع لعبة النسيان المروّعة، وإن العالم كله سمح لـ”إسرائيل” بالسيطرة على كل رواية عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين. وأهم شيء في هذا السرد أن وجود “الأونروا” في حدّ ذاته هو نتيجة مباشرة للاحتلال الاستيطاني الإسرائيلي، وهو الدليل القانوني الواضح على القضية الأهم قضية اللاجئين التي يُراد شطبها.
عناية ناصر