شاطئ الأمان الاقتصادي والمعيشي!
غسان فطوم
لو قيّمنا الأداء الحكومي خلال السنوات العشر الماضية بعين “الراصد الإعلامي”، لوجدنا أن كلّ حكومة ورثت عن الأخرى تركة صعبة، تتجلّى بعدة تحديات اقتصادية واجتماعية من العيار الثقيل، وخاصة ما يتعلّق بالوضع المعيشي والخدمي، وفشل إيجاد هوية واضحة لاقتصادنا الهشّ. ولعلّ ما زاد الأمور تعقيداً هو غياب الإصلاحات – رغم سماع نغمتها – واستمرار التعاطي النمطي مع الأزمات التي يغرق فيها البلد، حيث لم تنجح جملة القرارات والإجراءات، لا السابقة ولا حتى الأخيرة، في تقديم برنامج مجدٍ يتضمن حلولاً تنعشُ روح اقتصادنا، وترضي متطلبات وتلبي حاجات مواطننا الصابر الذي وصل إلى حدّ الإفلاس تحت وطأة غلاء أسعار السلع الأساسية، وغلاء المحروقات، رغم ما يُقال عن ثبات سعر الصرف، ما يزيد الطين بلّة.
السؤال اليوم: كيف نخرج من عنق الزجاجة؟
الشارع السوري ينتظر ذلك على أحرّ من الجمر، وعينه “عشرة على عشرة” على ضرورة اتخاذ تدابير سريعة لتغيير الوضع الاقتصادي الحالي بشكل عملي بعيداً عن سلاسل الاجتماعات التي ثبت عدم جدواها، لأنها قائمة على رؤية ضبابية للمشهد الحالي، لذا فإن أبرز أولويات عمل الحكومة في المرحلة الراهنة يجب أن تركز على تحديد ملامح السياسة الاقتصادية والمالية والاجتماعية، فأي عمل بلا هوية واضحة المعالم والأهداف هو بالتأكيد غير مضمون النتائج، ويمكن تصنيفه في خانة هدر الوقت والجهد والمال، طالما لا يوصلنا إلى شاطئ الأمان الاقتصادي والمعيشي الذي طال أمد الوصول إليه!
بالمختصر، لا نريد أن نصل إلى وقت نشعر فيه أن صانع القرار الاقتصادي لا يشبهنا كسوريين، ولا يشعر بمعاناتنا، ويقدّر ظروفنا، وبقي عاجزاً عن إيجاد الحلول لمجمل مشكلاتنا.
لا شكّ أن “رش السكر على جروحنا” المعيشية لا يداويها، رغم طعم حلاوته، كونه لا يدوم، فنحن بحاجة ماسة إلى عملية جراحية نستأصل من خلالها قطع دابر الفساد، والأهم إعداد وصفة محكمة لوقف معدل التضخم، وتآكل الأجور والرواتب المتدنية عند كل زيادة تطرأ عليها.
لقد آن الأوان لاعتماد وسائل متقدمة للتعامل مع تداعيات أزماتنا المتعدّدة، التي تلقي بظلالها على الوطن والمواطن باعتماد أسلوب إدارة رشيقة تتكيّف مع كل الظروف تجنّبنا الغرق في أزمات إضافية.