للمرة الثانية.. ريم قبطان بمعرض فردي في الشّارقة
ملده شويكاني
زدني بفرط الحب فيك تحيراً
وارحم حشى بلظى هواك تسعرا
اختارت الفنانة التشكيلية ريم قبطان هذا البيت من أشعار ابن الفارض ليكون محور إحدى لوحاتها على خلفية تدرجات دلالات اللون الأخضر، في معرضها الفردي الثاني “على قيد الهوى”، الذي أقيم في النادي الثقافي العربي في الشارقة إمارة الخطّ العربي، برعاية الدكتور عمر عبد العزيز رئيس مجلس إدارة النادي والدكتور خليفة الشيمي مسؤول الفعاليات والمعارض في النادي، وفي نهاية الندوة التعريفية التي أقيمت بعد الافتتاح تمّ تكريمها بشهادة تقديرية.
شعر عربي وفارسي
ومزجت قبطان في هذا المعرض بين التشكيل والحروفيات في بعض أعمالها، بالإضافة إلى الحروفيات البحتة مع منمنمات الزخارف والذهبيات والورود والنقوش والألوان ضمن تخصّصها الأساس بخطّ النستعليق، واستلهمت الكثير من أشعار الصوفية، كما خطّت لوحات باللغة الفارسية لشعراء فارسيين مثل لوحة من شعر هوشنك ابتهاج.
الموشحات
ومن اللوحات المميزة في المعرض ما اقتبسته من الموشحات والقدود بجمالية حروفية نُقشت على كتفي أنثى عاشقة وتزيّنت بتاج مزخرف:
عجبي على حرفين قد سلبا وقاري
حاء حريق باء بت في ناري
يا كاتم السرّ كيف الحبّ أكتمه
والشرق والغرب عرفوا كل أسراري
قصيدة غرناطة
نزار قباني حاضر دائم في معارض قبطان، لكنها هذه المرّة اختارت بعض أبيات من قصيدته “غرناطة”، مركزةً بالخط الأسود على خلفية تدرجات الأزرق بتكرار مفردة “ومشيتُ”:
ومشيتُ مثل الطفل خلف دليلتي
وورائي التاريخ كوم رماد
يا ليت وراثتي الجميلة أدركت
أن الذين عنتهم أجدادي
معرض للنستعليق
وكما أوضحت قبطان في حديثها لـ”البعث”، فإن “على قيد الهوى” هو معرضها الفردي الثامن، والثاني في الشارقة التي تُعنى بالفنون الإسلامية بشكل خاص، وتدعم جميع الفنانين، سواء أكانوا من المواطنين أم من جنسيات مختلفة بمجال الفنون التشكيلية والخط العربي بشكل خاص من خلال المسابقات الدورية، مبينةً أنّ النادي الثقافي العربي يستقطب كل الكفاءات.
وتعدّ قبطان معارضها رحلة تقف في محطات، ومن المحطة السابقة تستلهم فكرة محطة جديدة، فانفرد المعرض بخطّ النستعليق لثمانية وعشرين عملاً باستثناء عمل واحد بالكوفي وآخر بالديواني للتنويع فقط، مبينةً: “اعتمدتُ على النستعليق المعاصر بطريقة اللوحة الفنية ـ النقاشي خط – بالفارسي، بمزج الخلفيات المطعمة بالأكليريك والمذهبات بالجمل، سواء أكانت آيات قرآنية أم شعرية أم حروفيات للتصوير البصري للحرف لإنجاز لوحة متكاملة بعيداً عن الخط المكتوب بالقصبة على ورقة، باختصار الأعمال كلها كانت باتجاه الفنّ التشكيلي.
الأشعار الصوفية
تراوحت قياسات الأعمال بين متر بسبعين، وثمانين بستين، بالإضافة إلى بعض الأعمال الصغيرة، كما حفل المعرض بخمسة أعمال صغيرة كلاسيكية بخط النستعليق المطعم بفن الزخرفة والتذهيب لإظهار هذا الفن. واستمدت غالبية الأعمال من الشعر الصوفي لجلال الدين الرومي وابن الفارض والحلاج، بالإضافة إلى أشعار نزار قباني، وكل عمل مختلف برؤيته وإخراجه.
سهولة التوزيع والتنسيق
وتابعتُ معها حول كيفية تنسيق وضع الأعمال في مساحة كبيرة، فعقبت بأن النادي الثقافي العربي يقدم تسهيلات كبيرة للفنانين بوجود موظفين مسؤولين عن توزيع وتنسيق تعليق الأعمال بصورة فنية لائقة ما يخفّف عن الفنان أعباء التحضير للمعرض.
وحول عرض العباءات والشالات المرسوم عليها بالخط العربي مثل معرضها السابق في النادي “مقامات الحبّ”، أجابت: “ارتأيتُ أن يكون هذا المعرض متخصصاً باللوحات واكتفيتُ بارتداء عباءة من شغلي نقشتُ عليها بالخط العربي.
مشاعر وجدانية من السوريين
ومن ثم توقفتُ معها حول انطباع الزائرين، فأشادت بفرح السوريين المقيمين بالإمارات عامة، إذ يشعرون بمشاعر وجدانية تجاه الفنانين السوريين القادمين من الوطن، وبشكل عام كانت الانطباعات إيجابية من السوريين والمواطنين الإماراتيين وجميع الفنانين من جنسيات مختلفة، ولاسيما أن فنّ النستعليق فن صعب لا يتقنه إلا قلة، وعرضه قليل، مضيفةً: “قدمتُ معرضاً متخصصاً بخط النستعليق، وفي العادة تكون المعارض بمشاركات جماعية أو يقدم الفنان بمعرضه الفردي أنواعاً متعددة من الخطوط، فوجدوا بمعرضي المتخصّص شيئاً مميزاً، وأتمنى أن تحظى سورية باستضافة فنانين إماراتيين للاطّلاع على خبراتهم، وعلى الصعيد الشخصي من خلال عملي كرئيسة جمعية “بيت الخط العربي والفنون”، سأنقل انطباعاتي عن تجاربهم وأعمّمها على طلاب الجمعية للاطلاع عليها”.
نزار قباني جزء من هويتنا
وخلال الندوة التي تمّت بعد الافتتاح بحضور الكثير من الفنانين والخطاطين السوريين والعرب المقيمين هناك، تحدثتُ عن خصوصية وسمات خطّ النستعليق، وعن أشعار نزار قباني الحاضرة بمعارضي والتي تشكّل جزءاً من هوية بلدي ومدينتي دمشق الياسمين، بالإضافة إلى مهام جمعية “بيت الخط العربي والفنون” وأعمالها ضمن نشاطات الفن التشكيلي السوري، واهتمامها بتعليم وتدريب الهواة والفنانين الشباب.
وأنهت قبطان حديثها بالقول: “المعارض الخارجية فرصة لنقل ثقافة بلدنا وتراثنا وهويتنا ولزيادة انتشار الفنان ولأسلوب فنه الذي يستهوي محبيه في أيّ مكان”.