استبيان لاتحاد الفلاحين يُقيّم الدعم الحكومي للقطاع الزراعي
دمشق – رحاب رجب
مستشهداً بنتائج استبيان تم إجراؤه لعيّنة من الفلاحين يمثّلون 13 محافظة و64 رابطة فلاحية في القطر، حول تقييم الدعم الحكومي، بيّن رئيس الاتحاد العام للفلاحين، أحمد صالح إبراهيم، أمس، خلال ورشة عمل بعنوان “دور الدولة في دعم القطاع الزراعي والفلاح السوري والدعم الأكثر جدوى”، أن أبرز التحدّيات التي تواجه الفلاح، حسب الاستبيان، يتمثل بارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج وصعوبة تسويق المنتج ونقص الدعم الحكومي وارتفاع أجور النقل والأعلاف ومصادر الطاقة، إضافة إلى الدور السلبي لتداعيات الحرب في انخفاض مستوى الدعم الحكومي.
وأكّد إبراهيم خلال الندوة التي أقيمت في فندق “غولدن مزة” أن التغلّب على هذه التحدّيات لا يتم إلا من خلال تدخّل الدولة في تحديد أسعار مستلزمات الإنتاج وتوفير السيولة اللازمة من خلال تقديم قروض ميسّرة وتسهيل عملية تسويق المنتجات والاستثمار في التقنية الحديثة، وتفعيل دور القطاع الخاص وتأمين الحماية الاجتماعية للفلاح وتعزيز القدرة التنافسية للمنتج والسعي إلى دمج الاقتصاد المحلي بالاقتصاد العالمي.
وتحدّث رئيس اتحاد الفلاحين عن أن الغاية من الورشة هي تحمّل المسؤولية حول السياسة الزراعية في سورية، وتوضيح شكل الدعم في المرحلة المقبلة، حيث حرصت الدولة على دعم القطاع باعتباره الركيزة الأساسية للاقتصاد السوري، وأسهمت سياسات دعم الوقود والكهرباء وإنشاء السدود ومشاريع الري وتقديم قروض ميسّرة وإعفاءات جمركية ودعم أسعار المحاصيل الزراعية في رفع مستوى الدعم، مشيراً إلى أن الدعم المقدّم للفلاح قبل الأزمة كان يتم أحياناً بشكل عشوائي، كما أن برامج الإقراض لم تكن مصحوبة بالإرشاد والتوجيه، وهذا يتحمّل الاتحاد مسؤوليته، ومؤكّداً جميع الأمور التي تمّ طرحها للوصول إلى الدعم الحقيقي للمنتج الزراعي بشقيه النباتي والحيواني.
من جانبه بيّن الدكتور عادل سفر، رئيس الحكومة الأسبق، أن القطاع الزراعي كان يساهم بنسبة 25% من الناتج المحلي الإجمالي قبل عام 2011، متراجعاً أحياناً إلى نسبة 17%، وأن 70% من الزراعات في سورية تعتمد على الأمطار، ولكن الدولة استطاعت آنذاك أن توفّر دعماً كبيراً للإنتاج الزراعي من خلال توفير مستلزمات الإنتاج من أسمدة وتحقيق الاستقرار في الأسعار واستخدام الآلات الحديثة، منوهاً بدور المصارف الحكومية في توفير قروض ميسّرة ساعدت في شراء حاجة الفلاح من الأسمدة، واتجهت الدولة بعدها إلى أسلوب المكافحة العامة وسمح للقطاع الخاص باستيراد الأسمدة تحت إشراف وزارة الزراعة.
وأكّد سفر أن الدولة دعمت الإنتاج الحيواني من خلال تقديم أعلاف جافة حصراً كالشعير والنخالة والذرة، كما دعمت المحاصيل الاستراتيجية كالقمح والقطن والبطاطا والشعير، في الوقت الذي أمّنت فيه مستلزمات الإنتاج كالأسمدة والري والكهرباء، والبحوث الزراعية، موضحاً أن الإنتاج الزراعي لا يمكن أن يستمرّ دون دعم حكومي لأن الأمن الغذائي خط أحمر، حيث اتّجه العالم كلّه الآن إلى تحديث النظم الزراعية وتقديم الدعم للقطاع الزراعي بكل الوسائل.
وتحدّث المهندس محمد حسان قطنا، وزير الزراعة، عن ضرورة التنسيق والتعاون لتثبيت سياسات واستراتيجيات لتأمين التمويل اللازم لدعم الإنتاج الزراعي، مشيراً إلى أن الدعم المقدّم قبل عام 2011 كان أقلّ بكثير من الدعم الذي تقدّمه الدولة الآن في ظروف الحرب والحصار الاقتصادي الجائر، حيث كان السماد والمحروقات ومستلزمات الإنتاج عموماً متوفرة في سورية، ولكن الحرب قضت على أكثر هذه المقوّمات، ونحن الآن تحوّلنا إلى مستوردين لأكثر مستلزمات الإنتاج، وبالتالي تحوّلت أموال الدعم في جزء كبير منها إلى استيراد مستلزمات الإنتاج، وخاصة الطاقة، وبالتالي لا سبيل إلى المقارنة بين حجم الدعم قبل الأزمة وبعدها، لأن الأرقام في ظل الأزمة تضاعفت بشكل غير مسبوق مع غياب المعامل المتعلّقة بالإنتاج الزراعي كالقطن والشوندر السكري.
وأشار قطنا إلى ضرورة الاعتماد على المحاصيل الاستراتيجية المدرّة للمادة الأولية، والعمل على التنمية الريفية، وتحقيق التوازن بين العرض والطلب، وتحقيق مصالح المنتج والمستهلك، ودعم مستلزمات الإنتاج، ودعم أسعار المنتجات والخدمات المساندة، فالدعم سواء أكان نقدياً أم عينيّاً، يؤدّي بالنتيجة الغاية المطلوبة وهي زيادة الإنتاج، لأن هناك دعماً خفيّاً تمارسه الدولة من خلال مجموعة من القرارات كتأسيس المدن الصناعية مثلاً وخفض أسعار الفائدة والدعم اللوجيستي والتنظيمي.
بدوره أكّد رئيس اتحاد الغرف الزراعية السورية محمد كشتو أن للقطاع الخاص دوراً محورياً في دعم الإنتاج الزراعي، من خلال تأمين مستلزمات الإنتاج وإقامة منشآت إنتاج محلي، ومنشآت خاصة بالمعاملات الزراعية، وتمويل المنتجين الزراعيين بشكل غير مقونن.
وتساءل كشتو عن وجود مناخ زراعي جاذب للاستثمار في سورية، وهل يكفي وجود قانون عصري لتحقيق ذلك؟ وهل بيئة القطاع الزراعي خالية من المشكلات، متحدّثاً عن الفرص الاستثمارية كمشاريع الإنتاج الحيواني، ومشاريع المنتجات الزراعية، مؤكّداً أهمية الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتحقيق التكامل المنشود وتوفير البيئة المناسبة، حيث صدر القانون 40 لعام 2023 الذي رسم استراتيجية شراكة ناجحة بين القطاعين، لإعادة بناء الثقة لشراكة حقيقية من خلال استقرار رأس المال.
أما رئيس قسم الإنتاج الزراعي في “أكساد” محمد عبد الله، فتحدّث عن التجارب الناجحة للمنظمة خلال فترة الأزمة في سورية، حيث أقامت مشاريع بقيمة 16 مليون دولار، بهدف تأمين سبل العيش وتحسين الأمن المائي والغذائي ودعم صمود السكان الريفيين وتقديم مدخلات الإنتاج وتدريب الفنيين والإنتاج الزراعي، حيث وزّعت 3800 طن من بذار القمح والشعير و13 بذارة وأكثر من 30 ألفاً من الشتول وبذار الخضروات والمعدّات الزراعية وغيرها من المشاريع والخدمات.