رفح.. قنبلة موقوتة
علي اليوسف
يلوح في الأفق هجوم يستهدف مدينة رفح المحاصرة، لتصبح غزة، ولاحقاً رفح، جرحاً متقيّحاً في ضمير الغرب الجماعي. ففي غياب حلول الأرض، وغياب نتائج الجولات المكوكية لرعاة الكيان والمحابين الذين أثبتوا أنهم غير فاعلين في القضايا المصيرية، ولا حتى في أي شيء، يقف العرب عاجزين عن اجتراح حلّ كما كان في سبعينيات القرن الماضي يوم قُطع النفط عن العالم.
صحيح أن بعض الدول العربية أبدت معارضتها لتهجير الفلسطينيين من غزة ضمن إطار الرفض العربي الأوسع لأيّ تكرار لما يُعرف بـ “النكبة”، لكن هذا الرفض اعتادت عليه الشعوب العربية التي سئمت الرفض والتنديد، وباتت تطالب بخطوات على الأرض كما فعل الكثير من الشعوب الغربية التي خرجت في مظاهرات منذ 7 تشرين الأول، وأحدثت شرخاً عمودياً في الضمير العالمي، وأعلت صوت الحق الفلسطيني في مواجهة المدافع والصواريخ وهدير الطائرات الحربية والبوارج الداعمة للكيان الصهيوني.
وبينما ينتظر الفلسطينيون أياماً صعبة في مدينة رفح، ينتظر الوسطاء الاقتراحات والردّ على الاقتراحات لإعلان “هدنة” طويلة في الحرب، بعد “الهدنة” الوحيدة التي تم الاتفاق عليها، ولم يزِد عمرها على أسبوع واحد فقط، في أواخر تشرين الثاني. وإذا لم تنجح الضغوط الدولية والشعبية والرسمية في وقف إطلاق النار، فكل ما هنالك تصوّراتٌ عقيمة، فالخلاف الظاهري لا يعني شيئاً أمام الدعم الأمريكي غير المتناهي لـ “إسرائيل”، لأن المشكلة تكمن في مشاركة الولايات المتحدة في العدوان الإسرائيلي، والخلاف لا يعدو كونه “خيبة أمل” من الكيان الصهيوني الذي فشل في تحقيق أهداف الحرب المعلنة، ولم ينجح في هزيمة المقاومة، ولا السيطرة على قطاع غزة، ولا في استعادة الأسرى الإسرائيليين.
من هنا، فالحديث عن أيّ حلول دون إرفاق ذلك بوقف إطلاق النار فوراً، وإنهاء الاستيطان والاحتلال، مجرّد غطاء لما يجري على الأرض، وملهاةٍ لإقناع دول عربية بالتطبيع مع “إسرائيل” لتصفية القضية الفلسطينية. لذلك فإن الدعم الأمريكي لـ “إسرائيل” لم يتوقّف، ولم يتغيّر، ولن يتغيّر عن حقيقة كونه دعماً عسكرياً مطلقاً، فالولايات المتحدة الآن تشنّ حرباً على اليمن والعراق وسورية، وبالتالي فإن معركة رفح الإضافية ستعيد منطقة الشرق الأوسط والصراعات فيها إلى واجهة العالم، وقد تتوسّع الحرب ويزداد الاستقطاب العالمي، وخاصةً أن أيدي الجميع على الزناد، حيث هناك احتمالية حدوث انفجار كبير في أي ساعة، فالمكوّنات جاهزة لإشعال الانفجار الكبير في الشرق الأوسط، لجهة تعنّت الحكومة الإسرائيلية بإنهاء وجود المقاومة في غزة وكل محور المقاومة في المنطقة، والولايات المتحدة ممعنة في دعاوى “الدفاع عن “إسرائيل” مهما كان الثمن، ما يعني أنه من غير المستبعد تجاوز الخطوط الحمر جميعها. فهل من مسارٍ للخروج من هذه المعمعة؟
يبدو أن المنطقة باتت على أعتاب مرحلة جديدة قد تكون الأخطر والأعنف، وقد لا يكون هناك متّسعٌ من الوقت للتفكير قبل وقوع الكارثة.. وربّما تكون ساعة الصفر أقرب مما نتوقّع!