أخبارصحيفة البعث

أطفال السودان يواجهون أسوأ أزمة تعليمية

تقرير إخباري

يبدو أن عودة المدارس والجامعات لتأدية دورها الطبيعي في تعليم الطلاب أمر غير ممكن في بلد مثل السودان الذي مزّقه الصراع الذي اندلع منذ نحو 9 أشهر بين وحدات الجيش وقوات الدعم السريع وما زال مستمراً، ولم تنجح الوساطات الإفريقية والمحاولات الأممية وغيرها في إيجاد حلول مستدامة له. ولذلك فإن كل ما يحدث هو ضدّ الرغبات. ونظراً لأن الأمور تزداد تعقيداً مع مرور كل يوم، وتوسّع المعارك باستمرار وامتدادها نحو المحافظات التي كانت بعيدة، فإن المزيد من الأطفال وكذلك طلاب الجامعات سيبقون خارج أبواب المدارس والجامعات. وفي هذا الخصوص ذكرت كل من “يونيسف” ومنظمة “أنقذوا الأطفال” أن حوالي 19 مليون طفل في السودان، خارج المدرسة. ومن بين هؤلاء الـ19 مليوناً، فقد حوالي 6.5 ملايين طفل إمكانية الوصول إلى المدارس، بسبب تزايد العنف وانعدام الأمن في مناطقهم، وأغلقت حوالي 10,400 مدرسة في المناطق المتضرّرة من النزاع أبوابها.

لكن الأطفال الذين يعيشون في المناطق الأقل تأثراً بالمعارك، أي نحو 5.5 ملايين طفل، فقدوا فرصهم التعليمية بسبب تعقيدات الحرب، وعدم القدرة على دفع رواتب المعلمين، وتدمير المباني، وتخريب المعدات، واحتلال المباني من قوات الدعم السريع، أو بسبب النزوح أو أي أمور أخرى تمنع استئناف التدريس والتعليم كما كان قبل اندلاع المعارك.

وكانت المنظمتان المذكورتان قد أصدرتا بياناً مشتركا قالتا فيه: إن “السودان على حافة أن يصبح موطناً لأسوأ أزمة تعليم في العالم”، وأضافتا: إن “الأطفال يتعرّضون لأهوال الحرب منذ ما يقرب من نصف عام. والآن، بعد أن أُجبروا على الابتعاد عن فصولهم الدراسية ومعلميهم وأصدقائهم، فإنهم معرّضون لخطر الوقوع في الفراغ الذي سيهدّد مستقبل جيل كامل”. والأسوأ من ذلك هو أن هذه الأعداد من الأطفال يتم استدراجها إلى المشاركة في الحرب، وبالتالي إشراك أجيال جديدة في أعمال العنف، وهذا يعني أن الحرب تغذي نفسها بالمزيد من الوقود البشري، حيث إن استمرارها يعتمد عليه. ومن المعروف أن العديد من الحروب الأهلية يشنّها “أطفال جنود” يتم تجنيدهم في صفوف الأطراف المتحاربة.

وظهرت الأزمة في البداية على شكل موجات من النازحين من العاصمة الخرطوم، عندما انحصر القتال في مدنها الثلاث، وأدّى إلى مقتل ما مجموعه نحو 2.5 مليون طفل من نحو 4 ملايين نازح، نتيجة النزوح. القتال الذي دار في أحياء المدينة، وفقدان الاحتياجات الأساسية مثل الماء والكهرباء والغذاء والمرافق الصحية، وقبل كل شيء، الأمن. ومع ذلك، فإن أولئك الذين لم يهربوا مع عائلاتهم وجدوا أنفسهم تحت وطأة حصار لم يتمكّنوا من الهروب منه، وبالتالي، لم يتمكّنوا من الحصول على حقهم في التعليم. ومن هنا فإن الحرمان من التعليم طال النازحين والمقيمين على حد سواء، في حين أن ما تعيشه البلاد تحت وطأة الحروب سواء الداخلية أم الحدودية، لا علاقة له بالاحتياجات التعليمية.

ولا بد من الإشارة إلى أنه خلال أي حرب يتم تخفيض النفقات غير العسكرية من أجل زيادة الإنفاق على الجيش، وفي حال حدثت حرب داخلية، تتم السيطرة على الموارد وحرمان الخزانة العامة منها، ما يؤدي إلى انخفاض الإنفاق على التعليم.

عناية ناصر