ثقافةصحيفة البعث

التشكيلي محمد صالح موسى.. خسارة لا تعوض

طرطوس- هويدا محمد مصطفى

محمد صالح موسى فنان سوري من مواليد القامشلي ١٩٥٣، وكان يقيم في أبو ظبي منذ عام ١٩٩٢. درس الفن في محترفات كلية الفنون الجميلة بدمشق- قسم التصوير وتخرج من محترفاتها في عام ١٩٧٨، وإلى جانب معارضه الفردية، شارك بالعديد من المعارض في سورية والشارقة وأبو ظبي.

وللحديث عن الراحل، قال الفنان والناقد التشكيلي أديب مخزوم في تصريح خاص لـ”البعث”: “تؤكد لوحات الفنان الراحل محمد صالح موسى أنه كان فناناً واقعياً من الطراز الرفيع، وكان لا يخشى تجسيد الأشكال والتفاصيل مهما كانت صعبة ودقيقة، وكان يصل أحياناً إلى حدود الرؤية الرمزية المعبّرة عن مرارة الواقع الذي يعيشه الإنسان المعاصر في الأمكنة المحاصرة والمحروقة والمدمرة بزلازل الحروب الراهنة، التي نستشرف منها دلالات المستقبل المظلم للبشرية”.

ويضيف مخزوم: “من هذا المنطق، ارتبط موسى بإيقاعات تصويرية واقعية، فيها شيء من الإيحاءات الشكلية واللمسات اللونية العفوية، وأحياناً كانت اللوحة تتحوّل إلى مساحات لونية تمنح العناصر الإنسانية المزيد من الرؤى الرمزية، وتعمل على إخراج اللوحة من المباشرة الخطابية والتسجيلية، لذا كان الراحل يدهشنا منذ البداية في قدرته الفائقة على الدخول في نبض الحياة اليومية، في الحقول والشوارع والصحراء، مروراً بمشاهد الطبيعة والأشكال الصامتة، ووصولاً إلى مجموعة لوحاته التي أطلق عليها عنوان “بشائر مخيفة” والمعبّرة عن المشاعر الإنسانية في الأمكنة المسكونة برعب الغناء الوجودي النووي”.

ويوضّح مخزوم: “معظم أعمال موسى توحي بالمرجع الواقعي، وبمناخية محترفات الأكاديميات، قبل أن تذهب إلى تلبية متطلبات الصياغة الفنية الباحثة عن جديد ابتكاري في التشكيل والرسم الحديث، وما قدّمه خلال رحلته الفنية الطويلة، يمكن أن يبرز كردّة فعل إيجابية ضد الصياغات التشكيلية العبثية، التي تتزايد يوماً بعد آخر في تجارب الأسماء الشابة، والتي تندر فيها التجارب الواقعية القادرة على الإدهاش والإقناع، وفي أعماله الواقعية والتعبيرية والرمزية على السواء، كان يضيف عليها خبرته التقنية ومشاعره وبصمته الأسلوبية الخاصة، فالفن لا يتجدّد إلا من خلال البحث عن شاعرية جديدة معبرة عن تقلبات المشاعر والأحاسيس.. لقد كانت بعض لوحاته تضاهي في حيويتها واقعية الصورة الضوئية”.

يُذكر أن محمد صالح موسى من أقوى الفنانين في الرسم الواقعي ولا يخشى التكوينات والحركات مهما كانت دقيقة وصعبة وجدارياته البانورامية المكتنزة بحركات الأشخاص تشهد على ذلك، فنان مدهش لم يأخذ شيئاً بسيطاً من حقه، حتى أنه رحل بصمت في هذا الزمن الصعب والدامي، ورحيله شكل خسارة كبيرة لا تعوض.