“جهاراً وعلانية”..!!
معن الغادري
بعيداً عن مؤثرات وضغوطات ارتفاع الأسعار والغلاء اليومي المتزايد لمجمل السلع والمواد الأساسية التي تحتاجها الأسرة اليومية، والتي تزداد حدّتها مع بدء العدّ التنازلي لاستقبال شهر رمضان المبارك، تتضاعف الضغوطات على المواطنين في إنجاز معاملاتهم اليومية في معظم المديريات ذات الطابع الخدمي، والتي انحرفت عن مسارها الطبيعي، إذ لم تعد الخدمة في هذه المديريات – كبرت أم صغرت – تقدم مجاناً، بل أصبحت تُحدّد بتسعيرة غالباً ما تخضع للمساومة بين الموظف وصاحب الحاجة، والأمثلة كثيرة في هذا السياق في معظم مديريات حلب.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، يتطلّب الحصول على بيان عقاري أن تزيد على الرسوم والطوابع المحدّدة قانوناً، والتي ارتفعت مؤخراً، مبلغاً إضافياً للموظف، وإلا فقد تحتاج إلى عدة ساعات أو أيام للحصول على حاجتك، تحت مبررات وذرائع جاهزة ومعدّة مسبقاً، وما ينسحب على مديرية المصالح العقارية، ينطبق تماماً على معظم المديريات الخدمية الأخرى، إذ ترتفع وتنخفض التسعيرة حسب أهمية الطلب والخدمة!
ولعلّ هذه الظاهرة غير الأخلاقية، والتي أصبحت من طقوس يومياتنا، اتسعت واستفحلت مؤخراً وعلى نطاق واسع في حلب – جهاراً وعلانية – وانتقلت بشكل متدرّج ومتسارع إلى كافة تفاصيل ومفردات التعامل اليومي مع كافة المتطلبات والاحتياجات اليومية، حتى ولو كان الأمر متعلقاً بحصولك على راتبك التقاعدي أو الحصول على ربطة الخبز، سواء من الفرن أو من المعتمد، فعليك أن تدفع بالتي هي أحسن، مع ابتسامة عريضة على ملامح وجهك لتضمن الحصول على راتبك ورغيفك في المرة الثانية بلا أي قيود أو موانع.
ما نودّ قوله وتأكيده، في ضوء ما سبق، أن إبقاء هذا الواقع على ما هو عليه، دون تدخل حازم وحاسم، يضع الجميع ممن هم في موقع المسؤولية، بدءاً من رأس الهرم في المحافظة ومروراً بمديري المؤسسات والجهات الرقابية، أمام مسؤولية كبيرة وكبيرة جداً في التصدي لهذه المظاهر المسيئة لمؤسساتنا ومجتمعنا برمته. وبالتالي، لا بدّ من الإسراع باتخاذ ما يلزم من إجراءات وقرارات جدية وصارمة تضع حداً لاستباحة أبسط حقوق المواطنين وعلى هذا النحو غير الأخلاقي!!.