بإمكاننا أن ننتصر في المعركة ضد الفقر!!
غسان فطوم
مع استمرار العقوبات الاقتصادية التي أدّت إلى ارتفاع معدلات التضخم وتدهور القيمة الشرائية لليرة السورية، ليس مستغرباً أن يكون 70% من السوريين تحت خط الفقر الدولي، منهم 30% تحت خط الفقر المدقع!
هذه الأرقام المخيفة كشفت عنها منذ أيام المتحدثة باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سورية، السيدة سهير زقوت، وذلك عبر حوار مع إذاعة “المدينة FM”.
ثمّة أسئلة تطرح نفسها، هنا، حول خطط وبرامج الحكومة لتطويق تبعات الحرب وكارثة الزلزال، لجهة مدى جدواها وآلية عملها على مدى السنوات الماضية.
وللأسف، واقع الحال يشير بوضوح إلى وجود الكثير من العثرات والمطبات، ليس بسبب العقوبات وحسب، وإنما بسبب غياب تدابير الحماية الاجتماعية والخلل في إنفاق الموارد المالية بكفاءة وعدالة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، يذهب مبلغ ضخم من إيرادات الموازنة العامة للدولة لوزارة الكهرباء والبلد يغرق بالعتمة، وقسْ على ذلك في قطاعات أخرى! عدا عن استمرار فوضى القرارات الكثيرة غير المدروسة، وعندما نفشل في إيصال الدعم لمستحقيه الحقيقيين من الفئات الأشد فقراً لعدم الدراية الكاملة والإدارة الصحيحة لهذا الملف الشائك، فلا عجب أن نفتقر لبيئة اقتصادية حقيقية تعزّز النمو الاقتصادي والاجتماعي، وتساهم في تحسين الخدمات والمستوى المعيشي.
بالمنطق، من المفروض أن تُحرّك الأرقام المذكورة المعنيين، وتدفعهم لإعلان حالة الاستنفار من خلال البحث الجاد عن تعبئة كلّ الموارد المتاحة، وأن يكون القضاء على الفساد المالي والإداري من ضمن الأولويات، فهما السبب الأول في زيادة نسبة الفقر ووصوله إلى هذا الحدّ المخيف، ولنكن متفائلين، فنحن بإمكاننا أن ننتصر في معركتنا ضد الفقر، والأصح التخفيف منه إلى درجة مقبولة، وكلنا يعلم أننا قبل عام 2010 وصلنا إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي، وكنّا نعيش ببحبوحة اقتصادية، فما الذي ينقصنا لوضع آليات قوية وفاعلة للتخفيف من حدة الفقر، ولماذا لا نطبّق السياسات والخطط التنموية ذاتها التي كنا نتبعها سابقاً قبل الحرب، وتمكنّا من خلالها من تطويق العقوبات في فترة الثمانينيات؟
صحيح أننا لا نملك عصا سحرية، فالعملية شاقة، لكن ذلك لا يمنع من البحث والعمل والاستفادة من تجارب الدول في اعتماد الإجراءات والتدابير الفاعلة في التخفيف من نسب الفقر، وأهمها تعزيز الإنتاج الزراعي والصناعي الذي يساهم في رفع معدلات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية.