في كرة القدم قرارات غير قابلة للتنفيذ… الصعود إلى الدرجة الممتازة أمر جيد لكنه يحتاج إلى مقومات
ناصر النجار
لا شك أن اتحاد كرة القدم يصدر قراراته بناء على رؤية غايتها تطوير العمل وضبط مسار العمليات الإدارية والفنية في الأندية، وكما نلاحظ ان الأندية تسير بلا ضوابط سواء من خلال التعاقد مع المدربين أو اللاعبين لدرجة أن الأندية باتت تغير فريقاً بأكمله في كل موسم وتضيف عدداً آخر من اللاعبين في الميركاتو الشتوي بعملية شبهها البعض بأنها تدوير للاعبين بين الأندية ولا فائدة منه ولا غاية ترجى من هذا التبديل لأننا لا نجد لهذه التبديلات والتعاقدات الأثر الإيجابي على فرق كرة القدم، والكلام نفسه يخص المدربين، فبعض المدربين تحولت المهنة عندهم إلى تجارة، وبعض المدربين ينتقلون من ناد لآخر في الموسم الواحد أكثر من مرة وهذا أمر خاطئ أيضاً، فكيف لمدرب أن يكون مرفوضاً في ناد يصبح مقبولاً في غيره ثم يستقيل ليذهب إلى نادٍ ثالث؟ هذا المشهد أكثر من سيء وهو من أكثر العوامل التي جعلت أنديتنا وكرتنا متراجعة، ومن يتابع التغييرات التي تحصل على صعيد المدربين في الأندية لا يجد أن هذه التغييرات حققت النجاح للفرق، وعلى سبيل المثال في الموسم الماضي فرق الوحدة والمجد والوثبة وتشرين وجبلة وحطين غيّرت أكثر من مدرب ولكنها لم تحصل على ما تريد، وهذا المشهد تكرر كثيراً في ذهاب الدوري الكروي الأخير، والتغييرات على صعيد المدربين حطم كل الأرقام القياسية ونخشى أن يستمر هذا التغيير في الإياب فتنتكس أنديتنا أكثر من ذي قبل، وكما نتابع فإن التغييرات في فرق الوثبة والساحل والحرية والوحدة لم تأت ثمارها بدليل أن الفرق في تراجع، والمشكلة في هذه الفرق ليست فنية ولا تتعلق بمستوى المدرب وأدائه، ولعل الإضاءة الوحيدة في هذا الموسم فريق الكرامة الذي حافظ على مدربه الذي تعاقد معه في إياب الموسم الماضي، والإضاءة تتمثل بالاحتفاظ بالمدرب بعيداً عن النتائج لأن الهدف هو بناء فريق وفق أسلوب حديث على مبدأ الخطوة خطوة.
اتحاد كرة القدم من أجل وقف هذه الحالة السلبية منع الأندية من إجراء أكثر من تبديل واحد للمدربين، وهذا القرار صدر قبل انطلاق الدوري حتى لا يتم مفاجأة الأندية به، وبناء عليه كان من المفترض أن تنتقي إدارات الأندية مدربيها بعناية وأن تصبر على المدرب وخصوصاً أن الفرق تغير لاعبيها بشكل كبير، فأي مدرب بحاجة إلى وقت ليتحقق الانسجام والتناغم بينه وبين اللاعبين وليتحقق أيضاً بين اللاعبين بعضهم مع بعض، لكن المشكلة بوجود استثناءات سمحت لبعض الأندية بتجاوز هذا القرار.
أيضاً حدد اتحاد كرة القدم عملية الانتقالات في الميركاتو الشتوي بلاعبين اثنين، واشترط أيضاً وجود براءة ذمة مالية، لكن هذا القرار لم ينفذ بشكل كامل وتم اختراقه، وهذا خطأ، وعلى اتحاد كرة القدم أن يعيد حساباته في هذا الشأن، بل إن المطلوب منه أن يضع ضوابط أخرى لعملية التعاقدات الصيفية التي أصبحت مثل سوق عكاظ، ولا بد من توجيه الأندية نحو الاستقرار وهو أفضل من إجراء تعاقدات كثيرة بات أغلبها دون أي فائدة فنية، والمواسم السابقة دلت على ذلك وهي شاهدة على الأخطاء في عمليات الانتقاء وإجراءات التعاقد.
الموضوع الآخر الذي نود طرحه متعلق بفرق دوري الدرجة الأولى المرشحة للتأهل إلى الدرجة الممتازة وخصوصاً أن الدور النهائي سيبدأ بعد أيام، وعلى الأندية أن تعيد حساباتها قبل أن تصعد إلى الدرجة الممتاز فالصعود ليس انجازاً لأن الإنجاز هو الثبات في الدوري وتحقيق بصمة إيجابية.
لا شك أن الحسابات الخاطئة في كرة القدم تؤدي إلى نتائج كارثية، وهذه النتائج تنتظر العديد من فرقنا هذا الموسم، بعضها قد ينجو من سوء الخاتمة لكن البعض الآخر سيعض أصابع الندم.
وسبق أن حذرنا فرق الدرجة الأولى من الصعود إلى الممتاز دون دراسة معمقة، وقد يكون التأهل خطوة جيدة لكنه ليس إنجازاً، وسبق أن قلنا لاتحاد كرة القدم أن دوري الدرجة الأولى لكرة القدم لا يصنع كرة ولا يؤهل فريقاً للممتاز.
النتائج هذه نراها اليوم في فريقي الساحل والحرية ضيفي الدوري وهما يحتلان المركزين الأخيرين وهما أيضاً أكثر الأندية تهديداً بالهبوط وبالتالي العودة إلى الدرجة الأولى، وقصة كرة الحرية باتت محفوظة عن ظهر قلب ولا داعي للإعادة والتكرار وهي قصة خلافات واضطراب إداري وفني وزاد منه الأزمات المالية الخانقة، أما قصة فريق الساحل فقد تكون مشابهة في بعض جوانبها لكنها مختلفة في جوانب عديدة، والشيء المهم الذي نود ذكره أن الحقيقة وقعت بعد أن دخل الفريقان الدوري الممتاز فوجدا أن الثوب ليس على مقاسهما وأن المكان ليس مكانهما.
بالمحصلة العامة فإن الفريقين لم يحققا المطلوب حتى الآن وهما في دوامة وقد أحاط بهما خطر الهبوط من كل جانب.
بعيداً عن التوقعات فإننا لا نستطيع الجزم بمن سيهبط ومن سينجو منذ الآن والمتبقي تسع مراحل، لكن العوامل تشير إلى أن الأوضاع صعبة جداً ويحتاج من ينجو من الهبوط إلى معجزة للنجاة، لكن نؤكد على أن التأهل للأضواء ليس بالأمر بالسهل واللعب بين الكبار ليس حلماً فقط بل يحتاج إلى الكثير من الإمكانيات الفنية والمالية الكبيرة.
ولكي نكون واقعيين فإن الفرق التي تصعد إلى الدرجة الممتازة لا تلبث أن تعود إلى مكانها في الأولى إن لم يكن في الموسم ذاته ففي الموسم الذي يليه، والأمثلة كثيرة ومنها فرق: النواعير وعفرين وحرجلة والمجد وهذا في السنوات الخمس الأخيرة فقط، أما من هبط قبل ذلك فلم يعد بعد، ولا يفكر بالعودة والأمثلة كثيرة وهناك فرق انتهت وصارت في الثالثة وربما ألغيت كرة القدم عندها كمصفاة بانياس والجزيرة وحرفيي حلب والنضال والمحافظة وغيرهم.
خلاصة الكلام أن كل شيء واضح وبيّن، والنادي الذي لا يجد لديه القدرة على الزحام بين الكبار فالأفضل ألا يتأهل من الأصل، حتى لا يهدر المال وحتى لا يضيع وقته بمكان ليس مكانه، ومن الأفضل لهذه الفرق أن تعتني بقواعدها وأن تبني كرة القدم وفق الأصول المرعية، وعندما تتأكد انها قادرة على الدخول بين الكبار فأهلاً وسهلاً بها.