بين القتل العمد وتكميم الأفواه.. “إسرائيل” تستهدف الصحفيين الفلسطينيين
سمر سامي السمارة
أشار تقرير للجنة حماية الصحفيين أن 78 صحفياً وإعلامياً استُشهدوا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العدوان “الإسرائيلي” على غزة، مضيفاً: إنه يصعب التأكد من الظروف التي أدّت إلى استشهاد هؤلاء الإعلاميين بسبب رفض “إسرائيل” التعاون مع اللجنة.
وورد في التقرير السنوي الصادر يوم الخميس الماضي، أن ما يقرب من ثلاثة أرباع الصحفيين والعاملين في مجال الإعلام الذين استُشهدوا في عام 2023 كانوا من الفلسطينيين الذين استُشهدوا في الأشهر الثلاثة الأولى من العدوان “الإسرائيلي” على غزة.
ووفقاً للجنة، لقي ما لا يقل عن 99 صحفياً وإعلامياً حتفهم في عام 2023، وهو أكبر عدد من الصحفيين والإعلاميين الذين استشهدوا خلال عام منذ عام 2015، ويمثل زيادة بنسبة 44٪ عن العام الماضي حيث كان العدد 69 شهيداً.
تجدر الإشارة إلى أنه من بين الـ78 صحفياً وإعلامياً الذين لقوا حتفهم في العدوان “الإسرائيلي” على غزة، كان 72 فلسطينياً، وثلاثة لبنانيين، وصحفيان “إسرائيليان”، بينما قُتل عدد كبير من أفراد عائلات هؤلاء الصحفيين والإعلاميين نتيجة القصف والهجوم البري “الإسرائيلي”، ما جعل مهمّة التحقيق في ملابسات مصرعهم غاية في الصعوبة.
واستشهد ما يزيد على 28.700 فلسطيني وأصيب ما يقرب من 69.000 آخرين بسبب العدوان الغاشم على غزة منذ 7 تشرين الأول، فضلاً عن فقدان العديد من الصحفيين عائلاتهم بأكملها بسبب الهجمات الإسرائيلية.
وحسب التقرير فإن عدداً كبيراً من الصحفيين في فلسطين قُتلوا عمداً، وقد أثارت اللجنة هذه المسألة مع الإسرائيليين، حيث كان معظم الصحفيين الفلسطينيين الذين استشهدوا أثناء تأدية عملهم في غزة بمعدات قتالية كاملة، وكان من السهل التعرّف عليهم عندما تم استهدافهم بالغارات الجوية أو أثناء الهجمات البرية “الإسرائيلية”.
جدير بالذكر، أن استهداف وقتل الصحفيين أثناء تأدية عملهم عمداً يُعدّ جريمة حرب وفقاً للقانون الدولي، ومع ذلك تستهدف “إسرائيل” الصحفيين في غزة بحجة أنهم أعضاء في “جماعات إرهابية” دون تقديم أي دليل.
بالإضافة إلى لجنة حماية الصحفيين، أكدت منظمات أخرى أن عدد شهداء الإعلام في غزة منذ كانون الأول أعلى من ذلك بكثير، وقد كان الصحفي حمزة الدحدوح الذي استهدفه هجوم صاروخي على السيارة التي كان يستقلها مع صحفي آخر مصطفى ثريا واحداً من هؤلاء الشهداء، وللإشارة فإن حمزة هو نجل الصحفي وائل الدحدوح، الذي استُشهد معظم أفراد عائلته في غارات “إسرائيلية” في وقت سابق، وأصيب وائل نفسه في إحدى الهجمات التي نفّذها “الإسرائيليون” أثناء قيامه بواجبه.
أفادت نقابة الصحفيين الفلسطينيين أن 95 صحفياً أو حوالي 8% من جميع الصحفيين المسجلين في فلسطين استُشهدوا على يد قوات الاحتلال”الإسرائيلي” في الفترة الممتدة من 7 تشرين الأول إلى 19 كانون الأول.
وأكّدت النقابة أن معظم الصحفيين الذين استُشهدوا في غزة، تم استهدافهم عمداً من قوات الاحتلال “الإسرائيلية” بقصد “الاغتيال والقتل”، مضيفة إن بعض الصحفيين تعرّضوا أيضاً للتهديد من قوات الاحتلال قبل أن يتم قتلهم بسبب تغطيتهم للإبادة الجماعية الإسرائيلية.
وبالإضافة إلى ذلك، لجأت “إسرائيل” أيضاً إلى وسائل أخرى لوقف نشر المعلومات، بما في ذلك تقييد حرية وسائل الإعلام، ورفض منح تأشيرات دخول للصحفيين الأجانب، والقطع المتكرّر للإنترنت وخدمات الاتصالات، الذي يستمر أسابيع.
وحسب الرئيسة التنفيذية للجنة حماية الصحفيين جودي جينسبيرغ، “فإن العدوان الإسرائيلي على غزة غير مسبوق في حجم التهديدات التي يتعرّض لها الصحفيون”. من الجدير بالذكر، أن تاريخ “إسرائيل” في استهداف وقتل الصحفيين طويل، ففي عام 2022، استهدفت قوات الاحتلال الصحفية شيرين أبو عاقلة عندما كانت ترسل تقريراً عن الغارة العسكرية الإسرائيلية التي كانت تستهدف جنين حينها، كما أفادت لجنة حماية الصحفيين بأن هناك ما لا يقل عن 20 حالة من هذا القبيل قبل العدوان الحالي على غزة، ولكن لم يتم توجيه الاتهام إلى أي شخص أو تحميله المسؤولية عن عمليات القتل هذه.
ومن هنا فإن استهداف الكيان الصهيوني للصحفيين إنّما يتم بشكل ممنهج لإرهابهم ومنعهم من نقل حقيقة العدوان الصهيوني والصورة الدموية لقوّاته التي تمارس القتل الجماعي بحق الشعب الفلسطيني دون تمييز بين المقاتلين المقاومين والمدنيين، مع أنها سلطة احتلال وتقع على عاتقها مسؤولية حماية المدنيين وفقاً للقانون الدولي الإنساني.