بين الاحتياطات والمزايا
علي بلال قاسم
نحو 22 عاماً مضت على القانون 78 الذي بموجبه أصبحت المؤسّسة العامة للتأمينات الاجتماعي المرجع التأميني الوحيد للعاملين في الدولة والقطاع الخاص والمشترك والتعاوني، ليكون الرجاء معقوداً على سياسة وخطة تشرح وتروّج لمفهوم التأمين الاجتماعي، للمساهمة في تطوير المعارف والقدرات الإدارية والفنية والفردية للعاملين، ونشر الوعي التأميني لدى أطراف الإنتاج الثلاثة (أصحاب العمل – الحكومة – العمال)، عن طريق عقد الندوات والورشات وطباعة البروشورات وتوزيعها على مختلف القطاعات والنقابات وغرف الصناعة والتجارة والاقتصاد، توضح فيها حقوق العمال وأصحاب العمل والتزاماتهم وواجبات المؤسّسة تجاههم.
وفي متابعة الدور المتعلق بالتواصل لتحفيز أصحاب العمل الملتزمين بالاشتراك عن عمالهم، وبسداد الاشتراكات المستحقة عليهم في مواعيدها دون أي تأخير، ثمّة من يقدّم أفكاراً ومقترحات “غيورة” تفضي إلى منح جائزة لمثل هؤلاء أو تكريمهم ليكونوا حافزاً لباقي أصحاب العمل في تطبيق أحكام القانون، وهذا ما يمكن أن ينسحب على الفروع التي تصنّف على أنها الأفضل أو الأقدر على تحصيل الاشتراكات والديون المترتبة والمتراكمة، وكذلك ما هي الفروع التي تمتلك السرعة والسهولة في إنجاز المعاملات الخاصة بالمتعاملين معها، وهل هناك من حوافز لمثل هذه الفروع؟ وفي الوقت نفسه هل هناك من عقوبات ومحاسبة للفروع المقصّرة؟
وهنا نسمع الكثير من الأفكار التي يقدّمها الخبراء والمختصون وترتبط بإعادة النظر في التشريعات، وإعادة صياغة القرارات والتعليمات المتعلقة بآلية وكيفية تحصيل الاشتراكات المستحقة على أصحاب العمل المتخلفين عن السداد، بأن تجعل هذه التشريعات تتوافق وتواكب التشريعات التي تشهدها البلاد، بحيث تكفل تحقيق الأهداف، مع الإشارة إلى ضرورة التشارك لتقديم دراسة منهجية تحدّد مدى الانعكاس المالي السلبي أو الإيجابي لهذه التشريعات، ومدى تأثيرها على الوضع الاقتصادي العام والتوازن بين الوضع الاقتصادي والاجتماعي.
ندركُ أهمية التحديات والمخاطر التي تواجه نظام التأمينات الاجتماعية وحيوية العمل على تكريس وتعزيز مفهوم العدالة والاستدامة المالية، بحيث تبقى الاحتياطات أكبر من المزايا، والبحث في نتائج زيادة الأجور على الإيرادات، لنصل إلى تقدير الموازنة العامة بشكل علمي، إضافة إلى انعكاس زيادة المعاشات التقاعدية على ميزانية المؤسّسة ومدى تأثيرها على مفهوم الاستدامة المالية.
لقد عملت المؤسّسة على إعداد دراسات مالية واكتوارية، والمطلوب أن نرى انعكاساتها على المعايير الثلاثة التي لها دور رئيسي في نجاح نظام التأمينات والمتمثلة (معايير المساهمة – سن التقاعد – نسبة الإحلال)، فعدم التناسق والتناغم يخلق تأثيرات سلبية على أسواق العمل.
أخيراً نسأل: لو تمّ تعديل سن التقاعد أو تعديل معدل المساهمة.. فهل من دراسة عن الأعباء التي ستتحمّلها ومدى انعكاسها على الموازنة؟ في وقت حريّ توضيح دور التأمين الاجتماعي وتفريقه عن المساعدة الاجتماعية.