جسد بلا روح..!!
غسان فطوم
ليس بجديد القول إن العديد من المؤسّسات العامة تعاني من ظاهرة الضبابية والغموض في آليات عملها، فقد لا نجد خطة عمل لديها، ولا حتى أهدافاً واضحة المعالم يمكن تحقيقها على المدى القريب، على الرغم من أن لديها كوادر ذات جودة عالية بعلمها وخبرتها، لكنها مسلوبة القرار، وتتعرّض دوماً للتهميش والتشكيك بقدراتها بسبب ذهنية الإقصاء التي تنتهجها بعض الإدارات التي تمّ تركيبها بطرق تفتقر لمعايير الكفاءة والنزاهة والمهارة، وهذا ما يجعل عملية إصلاح مثل هذه المؤسّسات محل شكّ مما يزيد من حدة المشكلات، وهناك الكثير من الأمثلة لا مجال لذكرها الآن!
هذا التضخم أو التورّم بعمل الإدارة، هو الذي أدّى إلى شلل العديد من المؤسّسات وجعلها جسداً بلا روح، وما انخفاض دافعية الموظفين وانهيار معنوياتهم إلى درجة كبيرة، وانحدار أداء المؤسّسة ورداءة المخرجات فيها (كمّ من دون نوع) إلا دليل مؤكد على ذلك، والخوف أن يصبح ذلك ثقافة أو نمطاً إدارياً مترهلاً يصعب التخلّص منه!
بالمختصر، قبل أن يقرع جرس الإنذار، ونصل إلى منعرجات صعبة، نحن اليوم أحوج ما نكون إلى إعادة الألق لمؤسّساتنا العامة، وتخليصها من مزاجية الموظفين غير الأكفياء، من خلال الوصول إلى أنموذج إداري عصري، وهذا يتطلّب بالدرجة الأولى الإسراع في إحداث تغيير إيجابي في نواظم العمل الإداري وهيكليته، بما ينسجم مع أهداف مشروع الإصلاح الإداري، والتي من أهمها تحقيق نهضة حقيقية في “الأداء الإداري والعمل المؤسساتي للوزارات والهيئات والمؤسسات العامة في الأوقات الراهنة والقادمة، ومكافحة الخلل الإداري بكل جوانبه”، فقد آن الأوان للانتقال من عقلية التجريب والترقيع إلى عقلية الإبداع والابتكار، عقلية القيادي المبدع، لا الموظف الذي ينتظر راتبه آخر الشهر.
نقول ذلك لإدراكنا التام بأن سرّ نجاح أيّ من المؤسسات العامة هو خبرات ومهارات كوادرها وآلية انتقائهم بعيداً عن اعتبارات أخرى نحن بغنى عنها!