استثمار “الأعمدة الكهربائية” ؟
بشير فرزان
لم يهدأ حتى الآن ضجيج شركات الأمبيرات، بل تتفاقم المشكلات نتيجة المفارقات الكبيرة التي رافقت قراراً “غير معلن” بالسماح لها بالتخديم الكهربائي في مختلف المحافظات التي استبدلت عتمتها بتيار الأمبيرات رغم تكلفتها العالية، إلا أنها الحلّ الوحيد المتاح كما يبدو في الواقع الكهربائي، فبعد أشهر من انطلاقتها يتفاجأ الجميع باستيقاظ العديد من الجهات، ومنها وزارة الكهرباء التي أنكرت وجود هذه الشركات بعبارة “ممنوع بيع الأمبيرات”، وهنا كانت الطامة الكبرى، خاصة وأن أعمدة مؤسسات الكهرباء كانت الحامل الوحيد لكابلات الأمبيرات، وكان غضّ النظر هو ردّ الفعل الوحيد لهذه الجهات للخروج من المأزق الكهربائي، لجهة التخفيف من الضغوط على شركات الكهرباء التي كانت في موقع المتفرج من كلّ ما يحدث، حتى بعد صحوة المعنيين في الوزارة. وهنا نقترح، مع استمرار التقنين الطويل، طرح أعمدة الشبكة الكهربائية للاستثمار، بحيث يكون هناك عائد مادي يرفد عمل القطاع الكهربائي بدلاً من الاستمرار في “إغماض العينين” على مرأى الجميع ودون أي تغطية قانونية!
ومن القضايا المهمّة التي لا بدّ من مناقشتها في موضوع الأمبيرات قضية التراخيص التي وُضعت لها شروط صارمة، وفق ما تؤكد عليه الجهات التي أصدرتها، في حين يراها أصحاب الشركات تعجيزية، وخاصة لجهة مدّ شبكات أرضية تعترضها الكثير من التحديات، إضافة إلى شروط أخرى تنبئ بحالة غير صحيحة في التعامل مع هذا الملف المهمّ جداً، نظراً لتداعياته الكبيرة على المجتمع المحلي الذي يعيش اليوم في قلق وخوف من غياب خدمات هذه الشركات التي أعلنت عن توقفها في نهاية الشهر الحالي في محافظة ريف دمشق لارتفاع تكاليف التشغيل، مقارنة مع التسعيرة التي وضعتها المحافظة، وهذا ما دفع بعضها للتلويح بتغيير طريقة البيع من الكيلو واط إلى الأمبير، وذلك لتعويض ما سمّته خسائرها المتصاعدة نتيجة ارتفاع فاتورة المحروقات والصيانة وضياع التيار والسرقات.. و..و..
فهل تُتخذ قرارات سريعة بهذا الملف، أم تُترك الأمور على حالها بشكل يزيد من ضجيج الشارع وهدير مخاوفه التي باتت في عهدة الجهات المعنية التي تتسابق إلى إلقاء المسؤوليات على الغير ضمن سياسة النأي بنفسها عن القيام بالمهام المناط بها، وبالمسؤولية الكاملة عن إيجاد الحلول بأسرع وقت ممكن؟!