ثقافةصحيفة البعث

“الرهان” على الحب.. تعيد زهير بقاعي إلى مسرح الكبار 

أمينة عباس

بعد انشغاله الطويل ممثلاً ومخرجاً في مسرح الطفل ـ مديرية المسارح والموسيقا ـ الذي أخذه من مسرح الكبار سنوات طويلة، يعود الفنان زهير البقاعي، اليوم، إلى مسرح الكبار من خلال مسرحية “الرهان” التي بدأت عروضها، اليوم، على خشبة مسرح القباني بدمشق.

ويؤكد البقاعي في هذا العرض أن الحب هو الخلاص، متكئاً فيه على نص” الدب” لـ”تشيخوف” الذي اعتاد بقاعي اكتشاف درره من خلال أعمال سابقة له، و”الدب” وإن كان من أكثر النصوص التي قدمت على خشبة المسرح، لكن البقاعي يرى أن لا ضير من ذلك طالما أن كل مخرج يقدمه بطريقة مختلفة، مبيناً أنه أعاد كتابة النص من جديد بأفكار ورؤية تتناسب مع البيئة والعصر الحالي، والرهان فيه على أن الحب هو الذي يحمينا في النكبات، وهو خلاصنا للاستمرار في الحياة، لذلك كان لا بد للحب من أن ينتصر في نهاية المسرحية التي اختار لها البقاعي اسم “الرهان”، موضحاً أن النص كان يقوم على أكثر من فكرة، لكن ما كان يشغله هو موضوع المرأة بشكل عام وهي التي تعرضت عبر العصور لظلم واضطهاد، ولا سيما في الحرب على سورية والتي عاناها الجميع، وقد أثبتت المرأة خلالها قدرتها الكبيرة على الصمود والحضور في كل المجالات على الرغم من معاناتها، وتالياً شكّل ما مرت به بلدنا خلفية بالنسبة إلى العمل، لكن بطريقة بسيطة إلى جانب التأثيرات والتداعيات التي حصلت على صعيد الوضع الاقتصادي الذي رمى بظلاله وتلقفه المسرح عبر رؤى توضح انعكاسه على الإنسان، مع تأكيد البقاعي أن تناول الأجزاء الحياتيّة البسيطة تقرّب شرائح متعدّدة من الجمهور من المسرح.

السهل الممتنع

كمخرج، اعتمد البقاعي حالة السهل الممتنع القريبة من الناس، مع تقديم لمسات تعبيرية والاهتمام بمسألة الأداء بحيث يكون الممثلون حاضرين بأدواتهم في الحد الأقصى ضمن حالة التبني للشخصيات من قبلهم وتجسيدها بحيث تحقق المتعة لهم وللمشاهد، لأن الهدف من إنجاز المسرحية برأيه تقديم عمل خفيف يحمل طاقة إيجابية مبهجة وجميلة وممتعة، منوهاً بأنه اعتمد فيها على اللهجة العامية بهدف ملامسة الجمهور ولقناعته التامة في أن رؤية المخرج لعمله هي التي تحكم موضوع استخدام اللغة العربية الفصحى أو العامية في المسرح، حيث لا يجوز تقديم عمل تاريخي بلهجة عامية مثلاً.

شكل مغاير

ويؤكد زهير البقاعي كمعدّ للنص أن اعتماده على نص عالمي لا يعني بالضرورة عدم وجود نص جيد للعرض محلياً، فالكتّاب العرب والمحليون في المسرح ازداد عددهم وأصحبوا الآن أعلاماً ومراجع في المسرح العربي على الرغم من الفترة القصيرة لولادة المسرح العربي الذي واكب المسرح العالمي، مؤكداً أن اختياره لهذا النص يعود إلى غناه فهو يقدم شخصيات خاصة من دون أن يهتم بالجزئيات الصغيرة، مع إيمان البقاعي أن الاتكاء على نصوص عالمية ليس أمراً خاطئاً، فمن خلالها يتم الوصول إلى نصوص أصيلة إن كان من حيث المحتوى أو المعالجة الكتابية، ولم يخفِ أن مشاهدته لعروض قدمت هذا النص، حرّضت لديه الرغبة في تقديمه بشكل مغاير، خاصة وأنه سبق أن قدم النص ذاته سابقاً لكن بقصة صغيرة وبفضاء بسيط مغاير تماماً عما يقدمه اليوم من خلال مسرحية “الرهان” التي يحضر فيها أيضاً كممثل إلى جانب عمله كمخرج من دون أن يخفي أن الإخراج عمل بحاجة لجهد كبير ومتابعات كثيفة لخلق عالم متكامل على خشبة المسرح بإمكانيات بسيطة وفي ظروف صعبة جداً يتحداها الممثل والمخرج، مؤكداً أن ما يهمه هو النتيجة بغض النظر عن الاعتبارات الأخرى المتعلقة بكونه مخرجاً وممثلاً في الوقت ذاته، فالكثيرون من عباقرة الفنانين برأيه مثل شارلي شابلن كانوا يمثّلون ويكتبون ويخرجون، وكانت النتائج مذهلة، منوهاً بأنه يحقّ للمخرج تقديم رؤيته الخاصة تجاه الشخصيات إذا كان يرى نفسه في إحداها، وهو أمر ليس بغريب لأن أي مخرج ـ برأي البقاعي ـ في داخله ممثل، وأي ممثل في داخله مخرج.

مسرح الطفل

يُذكر أن مسرحية “الرهان” هي العمل الثاني الموجه للكبار لزهير البقاعي كمخرج مع مديرية المسارح والموسيقا بعد مونودراما “شمة زعوط” وفي رصيده عدد من الأعمال المسرحية التي أخرجها بعيداً عن المديرية، لكن في فترة الحرب مال البقاعي باتّجاه مسرح الطفل بهدف إسعاده وإسعاد نفسه في ظل ظروف صعبة كانت قائمة والجميع عانى فيها، ولا ينكر ميله الكبير لهذا المسرح الذي يحقق له المتعة ويعيد له طفولته، في حين أن مسرح الكبار فيه الكثير من التعقيدات، منوهاً بأن عرضه “القطة شحرورة” شارك مؤخراً في مهرجان ابن رشيق الدولي لمسرح الطفل في تونس إلى جانب عروض من أغلب الدول العربية ونجح في تحقيق حضور متميز.

يُذكر أن مسرحية “الرهان” تقدم يومياً على مسرح القباني في السادسة مساء وهي من تمثيل: نجاة محمد، يارا مريم، زهير البقاعي.