استراتيجية النفوذ الجديدة في فرنسا
تقرير إخباري
يأتي إنشاء “مكتب النفوذ الاستراتيجي” في فرنسا نتيجة للخلاف بين وزارة الدفاع ووكالة المخابرات المركزية التي كانت مسؤولة تاريخياً ورسمياً عن التدابير “النشطة” كالتضليل والتسمّم.
وقد أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تشرين الثاني 2022، أن “النفوذ الآن سيصبح وظيفة استراتيجية، تتمتع بموارد كبيرة، ويتم تنسيقها على المستوى المشترك بين الوزارات، مع دور مركزي لوزارة أوروبا والشؤون الخارجية لتطبيقه على المستوى الدولي”، في أعقاب تزايد حالة انعدام ثقة الفرنسيين بماكرون، تماماً مثلما فقدت المستعمرات السابقة في إفريقيا ثقتها به، حيث قرّر فجأة اتباع استراتيجية نفوذ جديدة، في مواجهة كارثة مالي، في محاولة لاستعادة صورة البلاد وتفادي فقدان نفوذها، ما من شأنه أن يعرّض إمدادات الطاقة التي تعتمد عليها للخطر.
وحسب محللين فرنسيين، ما يمكن تخمينه من هذا الإعلان، هو أن فرنسا ستستخدم الأكاذيب لزيادة نفوذها في العالم، تماماً مثلما يستخدم الناتو استراتيجية الكذب في الصحافة وشبكات التواصل الاجتماعي لتجنّب الحديث عن الهزيمة في أوكرانيا، حيث طلب الناتو من فرنسا أن تعمل بالطريقة نفسها، وستكون المديرية العامة السرية للعلاقات الدولية والاستراتيجية مسؤولة عن استراتيجية النفوذ الدولي لوزارة القوات المسلحة وإدارة شبكة البعثات الدفاعية في الخارج، وهي نوع من المكتب السياسي التابع لوزارة القوات المسلحة، التي باتت تكتسب زخماً.
في معرض تقديمه للمراجعة الاستراتيجية الوطنية في 10 تشرين الثاني 2022، رفع ماكرون نفوذه إلى مرتبة “وظيفة استراتيجية”. وهناك سياق آخر للأعمال العدائية، وهو الحرب الباردة التي أعطت زخماً جديداً لتطوير الأدوات المصمّمة لتكون موجودة شرق الستار الحديدي، وذلك بفضل المعاهد الفرنسية، بين المجتمعات المدنية. ومع ذلك، فإن مصطلح النفوذ لم يظهر إلا في بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بشكل متقطع، لكنه ينتهي في نهاية المطاف إلى التغلغل في أغراض الدبلوماسية الثقافية، التي ستتم في عام 2011 إعادة تسمية برنامج ميزانيتها (رقم 185)، الذي كان عنوانه في البداية “التأثير الثقافي والعلمي”، ليصبح “الدبلوماسية الثقافية والتأثير”.
عند وصوله إلى وزارة الخارجية في عام 2012، جعل لوران فابيوس دبلوماسية النفوذ أداة “قوة النفوذ” الفرنسية، من خلال تعبئة مجموعة كاملة من مواردها السياسية، والثقافية والاقتصادية والعلمية والفكرية، وكذلك صورة فرنسا في العالم وقيمها، ولكنها أعطت نتائج عكسية تماماً، بمعنى أنها لطّخت صورة فرنسا على الساحة الدولية بدلاً من تجميلها وتلميعها.
وكانت خدمات المعلومات العسكرية قد نظّمت تسريب هذا الهيكل في صحيفة نيويورك تايمز في شباط 2002 للتنديد بخصخصة النفوذ الأمريكي، حيث منح البنتاغون جون ريندون سراً عقداً بقيمة 16 مليون دولار لاستهداف العراق وأعداء آخرين بالدعاية، وكان خبيراً في المجال الاستراتيجي المعروف باسم “إدارة التصوّرات”، كما تم استخدام تقنيات التلاعب والتضليل خلال أزمة كورونا لإرهاب العالم أجمع وقبول الإغلاق العالمي، ولكن من خلال الكذب على الناس يفقدون ثقة الناس بهم.
هيفاء علي