نصدّر المادة ثم نعود لاستيرادها.. بعد البصل جاء دور الثوم والبطاطا!
دمشق – رحاب رجب
بعدما حدث العام الماضي من قيام التّجار بتصدير البصل في موسمه ثم العودة إلى استيراده بأسعار مضاعفة، تمّ هذا العام وفقاً لرغبة التّجار تصدير البطاطا والثوم بحجّة وجود فائض، والآن يدور الحديث عن شحّ المادتين في الأسواق، ثم إعادة استيرادهما ليرتفع سعرهما بشكل ملحوظ، رغم أن سورية شهيرة بإنتاج المادتين، فعلى أيّ أساس يحدث هذا التخبّط؟
فالثوم، على سبيل المثال لا الحصر، هناك من يقول إنه تمّ سحبه من السوق في بداية الموسم وتخزينه ليُعاد طرحه بعد تجفيف الأسواق تحت عنوان مستورد، وصولاً إلى سعر مناسب للتجار، وكثير من المواد الأخرى التي يتمّ التعامل معها على هذا النحو، فإلى متى يتمّ تفصيل القرارات الاقتصادية “حفر وتنزيل” على مقاس بعض التّجار؟ وهل يمكن أن يكون هذا الأمر بالفعل سوء تخطيط، يتكرّر كل عام؟
فإذا كانت مادة الثوم المعروضة الآن بقيمة 75 ألف ليرة سورية هي ذاتها التي كانت قبل ثلاثة أشهر بنصف السعر، باسم تاجر السوق المغلّف نفسه، فكيف يمكن الاطمئنان إلى هذا الأمر؟.
هذه الأسئلة توجّهنا بها إلى الخبير الاقتصادي عبد الرزاق حبزة الذي تحدث عن قرارات حكومية مبنيّة على بيانات مغلوطة، فالحكومة تعطي توقّعات لإنتاج مواد معيّنة قبل أن تنزل إلى الأسواق. وعلى سبيل المثال، تقدّر كميات الزيت المنتجة خلال العام الحالي بكذا طن، فهي عبارة عن بيانات لا تستند إلى واقع حقيقي، ولا يوجد على أرض الواقع مَن يتابع هذا الموضوع، فالقرار يصدر على أنه قرار مكتبي، والبيانات غير دقيقة ولكنها أقرب إلى الصحّة.
أما بالنسبة لكميات البصل مثلاً، والحديث للخبير، فقد خزّنه التجار في البرادات لفترة معيّنة إلى أن تناقصت الكميات بشكل حرج، فصاروا يورّدونه إلى السوق بكميات قليلة، وبالتالي ارتفع سعره بشكل كبير ووصل إلى حدّ أعظمي، وعند حصول التجار على السعر المرتفع لم يعُد المواطن العادي يتمكّن من شرائه، ففُتح باب الاستيراد، للتخفيف من حدّة الأسعار، وليست المادة مخزنة ثم يُعاد طرحها في الأسواق، فالنوعيات المستوردة غير النوعيات المنتجة محلياً، والمشكلة أن المادة عندما يرتفع سعرها إلى حدّ أعظمي، فيجب استيرادها قبل الارتفاع، وأحياناً لا يشعر أصحاب القرار بهذا الأمر إلا متأخرين، لذلك عند طرح المواد المستوردة بسعر مخفّض نعتقد أن السعر قد انخفض، ولكن السعر كان قد ارتفع إلى حدّ أعظمي سابقاً، وبالتالي أيّ انخفاض سيشعر به المواطن على هذا الأساس، لأن الأسعار كانت قد ارتفعت سلفاً، وهذا سوء تخطيط، لأنني عندما أعلم أن هذه المادة سأحتاج إليها مستقبلاً يجب تخزينها في البرادات، والحكومة لديها إمكانية كبيرة للتخزين، من خلال برادات السورية للتجارة، وهي التي تخزّن للتجار، وبدل أن أخزّنها للتاجر يجب أن أخزّنها لطرحها في المستقبل بشكل تدخّلي لمصلحة الحكومة، ويتمّ الطرح بشكل انسيابي متواتر حتى لا تحدث أزمة، وذلك للمحافظة على انسيابية المادة وسعرها في الأسواق.
وأضاف حبزة: والحديث عن كون الثوم من الموسم السابق أو الحالي، على ذمة التاجر الذي يستورد أو يصدّر، ومسألة تخزينه ليست واردة لأن هناك مختبراتٍ هي التي تفصل في هذا الأمر، ومن المؤكد أن الثوم له عمره الافتراضي، ولا أعتقد أننا يمكن أن نصل إلى هذه المرحلة، فقد بدأ الثوم الآن بالشحّ فعلياً في الأسواق، وبالتالي لا بدّ من استيراده، لأن عمره الزمني محدّد، وهناك مواصفات معيّنة للتخزين، ولا ندري ما هي الكميات المتعاقد عليها، والشروط الفنية التي سيتم توريد المادة وفقها، وعلى العموم هذا كلّه يندرج تحت عنوان سوق التخطيط حول حاجة البلد أو الحاجة الفعلية والكميات المنتجة.