لن تحصد أوروبا سوى الثمار المرة من الصراع في أوكرانيا
عائدة أسعد
صادف يوم 24 شباط الذكرى السنوية الثانية لبدء الصراع في أوكرانيا، ولكن بدلاً من رؤية أيّ احتمال لإنهاء القتال في قلب أوروبا، لم تظهر سوى دلائل جديدة على أن الغرب بقيادة الولايات المتحدة يعتزم الاستمرار في تأجيج النيران.
وقد وافق الاتحاد الأوروبي مؤخراً على الجولة الثالثة عشرة من العقوبات على روسيا منذ أن أطلقت موسكو عمليتها العسكرية الخاصة.
وتجدر الإشارة إلى أنه مع تعرّض أوكرانيا للتو لانتكاسة في معقلها الرئيسي في أفدييفكا وتباطؤ الكونغرس الأمريكي في الموافقة على المزيد من المساعدات العسكرية لأوكرانيا، فإن توقيت هذه الخطوة لفرض العقوبات يهدف إلى طمأنة كييف بأنها لا تزال تحظى بالدعم الثابت للكتلة.
ومع ذلك، فإن الدعوات المتزايدة في العديد من الدول الأوروبية لإنفاق الأموال المخصصة لأوكرانيا على معالجة المشكلات الداخلية، تشير إلى أن صناع القرار في الاتحاد الأوروبي لا يتماشون مع الرأي العام حيث يتزايد الإحباط بشكل ملحوظ بسبب عدم بذل الجهود لوضع حد لهذه المشكلة وإنهاء الصراع الدائر، ويشكّل هذا التباعد اختباراً متزايداً لاستدامة تعهّد الاتحاد الأوروبي بدعم كييف، ناهيك عن أن العدوان على غزة قد خلق مصدراً آخر للذعر العام.
لقد أصبح الصراع في أوكرانيا صراع استنزاف ويكلّف الأطراف ثمناً باهظاً حتى مقابل أصغر مكاسب في ساحة المعركة، كما أن السيطرة على أفدييفكا منحت روسيا اليد العليا في الوقت الحالي، وهذا الأمر هو فقط ما ينبئ بأن القتال سيستمر.
ومن غير الممكن أن يلبّي مثل هذا الاحتمال غير المرغوب به مصالح الدول الأوروبية وهو يرسم صورة أكثر كآبة لمستقبلها الأمني، وعلى عكس المكاسب الاقتصادية والجيوسياسية العديدة التي حصلت عليها واشنطن من الصراع، لم تحصد أوروبا سوى الثمار المرة.
وليس سراً أن أكبر المستفيدين من الأزمة الأوكرانية هم مصنّعو الأسلحة وشركات الطاقة الأمريكية، فقد كان الصراع بمنزلة ثروة بالنسبة للولايات المتحدة التي لا ترغب في قتل الإوزة التي تضع بيضها الذهبي.
ولكن يتعيّن على الولايات المتحدة وغيرها من أصحاب المصلحة في الصراع أن يتطلعوا بشكل أكبر إلى الصورة الأكبر للسلام والاستقرار الإقليمي والعالمي حتى يتسنى التوصل إلى تسوية سلمية للأزمة في وقت مبكر.
ومع اقتراب الصراع الروسي الأوكراني من دخول عامه الثالث، يتعيّن على المجتمع الدولي أن يكثف جهوده لتعزيز السلام ،كما ينبغي احترام سلامة أراضي جميع البلدان، والالتزام بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، ويجب أخذ المخاوف الأمنية المشروعة لجميع البلدان على محمل الجد.
وبالتأكيد كلّما جرت محادثات السلام في وقت مبكر، أمكن حل الصراع بشكل أسرع، وبالتالي يقل الضرر الذي سيلحقه بالعالم على المدى الطويل.