يوميات ما قبل رمضان
معن الغادري
درجت العادة خلال الفترة التي تسبق قدوم شهر رمضان المبارك، من كل عام، تزايد وتسارع نشاط البعض – جماعة وأفراداً – في التحضير لإقامة مهرجانات التسوق وأنشطة وفعاليات محتلفة، تحت عناوين ومسميات عدة، ظاهرها مختلف تماماً عن مضمونها وباطنها.
ولعلّ القاسم المشترك الذي يجمع هذه الأنشطة هو استثمار المناسبة وتحقيق الربح المادي والدعاية المجانية، خاصة وأن هذه الأنشطة غالباً ما تكون بعيدة عن أعين الرقابة ومعفاة من الرسوم والضرائب، ولا تخضع إلى المعايير المطلوبة كونها تقام بمناسبة شهر رمضان ومرخصة ومشرعنة ومغطاة من مجلس المحافظة كراعٍ لهذه الأنشطة. وبالتالي، فإن هذه الظاهرة، على أهميتها وضرورتها، تفقد كلّ مضامينها ومعانيها المجتمعية والإنسانية خلال الشهر الفضيل والكريم، بالنظر إلى شبهة الاستثمار والابتزاز والسمسرة التي تفوح من مرفقاتها ومفرداتها اليومية، وهو ما بدت عليه هذه المبادرات وغيرها من الفعاليات المماثلة وبوضوح كبير خلال المواسم الرمضانية السابقة، إذ لم تحقق هدفها المعلن في التخفيف من معاناة وأعباء المواطن المعيشية، بل على العكس تماماً شكلت هذه المبادرات ومهرجانات التسوق فرصة للمنظمين والمنتجين في استغلال هذه المناسبة وتحقيق المزيد من الأرباح والمكاسب المادية.
يدفعنا ذلك كله إلى المطالبة وبإلحاح شديد بضرورة تصويب مسار هذه الجهود لتحقيق المنفعة والفائدة للمواطن وليس العكس، وأن تكون الرؤية لمثل هذه المبادرات أكثر تنظيماً ووضوحاً تفادياً لأي لغط أو شبهة. وهو ما يجب أن تضطلع به المؤسّسات المعنية التي تمنح “الرعاية والترخيص”، بأن تكون أكثر حرصاً ودقة في التعاطي مع هذا الملف، وأن تمارس الدور القانوني والأخلاقي المنوط بها، بإلزام أصحاب هذه المبادرات التقيّد بالشروط والمعايير المطلوبة وإضفاء الجانب الإنساني عليها، وأن تكون الأسعار مناسبة ومن المنتج إلى المستهلك والعروض حقيقية ومستوفية لشروط الجودة،
والأهم من ذلك أن تكون الأعين مفتوحة للتصدي بحزم لأي محاولة تهدف للتحايل على المواطن، وهو ما نأمله من المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة بأن يسخّر وقته وجهده، وبما يتوافق مع فضائل شهر رمضان وروحانيته، وأن يكون عوناً وسنداً للمواطن في مواجهة الظروف المعيشية القاسية والقاهرة.