الحوار وديناميات التطوير
د. فايز عز الدين
كم كانت لحظة تاريخية في حياة حزبنا أن يلتقي فيها الرفيق الأمين العام بكوكبة من المفكرين والأكاديميين والكتاب البعثيين، ويتحاور معهم في شؤون تطور الحزب فكراً وعقيدة وتنظيماً وممارسة، في سياق حديثه الافتتاحي عن الحوار وإدارة التغّير.
ولفت الرفيق الأمين العام إلى أنّ الحوار هو المرجعية الأولى للتقويم والمراجعة، وتحديد الموقف الفكري، والسياسي للحزب إزاء الشعب والدولة.. والحوار على هذه الصورة – كما أشار الرفيق الأمين العام – لم يكن ممارسة تاريخية في حزبنا. واليوم حين نبدأ، فهذا يعني أن التطوير سيجترح ديناميات الحوار.. والحوار وحده الذي يحرك المياه الراكدة في واقع الحزب، وحياته، وخططه، وبرامجه.
فالتطوير آلية لا تقوم على استجلاب القوالب الجاهزة من خارج الحزب، بمقدار ما تقوم على العصف الفكري في عقول مفكري الحزب ومثقفيه، وهذا يعني أن الحوار هو بيئة لتحريك المدخلات والمخرجات، من خلال أداء الحزب لمهامه، وتحقيقه لمبادئه وأهدافه. وقد وقف الرفيق الأمين العام وقفة تحليلية معمقّة عند قضية الحوار بين مفكري البعث، حتى يتم الوقوف العلمي المنهجي على آليات التطوير الذاتي، ومراجعة تخوم التجربة البعثية، في إدارة الحزب والدولة والمجتمع، من منظور علمي موضوعي يحدد الواقع، ويحّرض الوقائع القائمة في الحضور البعثي الراهن للحزب، وفي التعيين المستقبلي للمصير المشترك مع جماهيره.
وبناء عليه، أوضح الرفيق الأمين العام، الدكتور بشار الأسد، أن التطوير لا ينجز بتغيير الأشخاص، وإنما بتغيير المنظومات. وفي هذا السبيل، تبرز أمامنا ضرورة التعرف على أنفسنا في الحزب: أين كنا؟ وأين نحن؟ وإلى أين نسير؟ وتلك هي الأسئلة الأولى للحوار في آفاق التغيير المنوّه إليه.
ومن منظور تجريبي – طالما أن الحوار كان مفقوداً في تاريخ الحزب- يترتّب علينا أن نقوم بالمزيد من التداول وفتح العقول على ما يمكن أن يستفاد من تجربة الحزب، وخصوصية هذه التجربة أولاً، ومن ثم الانتفاع من التجارب القائمة لدى الآخرين بمنهج الموازنة الذهنية السليمة بين العقل والنقل ثانياً.
وفي هوية الحزب، حرص الرفيق الأمين العام على وجوب اختبار الضرورات الحاكمة فيها، والسعي لتأصيلها من خلال تجديد الحزب الفكري وسياساته واستراتيجيات نضاله. ومعروف الطابع الوطني لتنظيم الحزب باعتبار أن الوطن ما زال يخوض معارك التحرر من التدخل الأجنبي، ومن الاحتلال.. وأن النضال الوطني يحفز قوى الشعب الحية لنصرة الوطن ضد أعدائه المستعمرين. وفي هذا المنحى، حرص الرفيق الأمين العام على أن لا تستمر الفجوة بين الثقافة النظرية للحزب، وثقافة الممارسة والسلوك الحزبي؛ ولفت إلى ثقافة التواصل الاجتماعي حتى يبقى البعث بين جماهير الشعب..
وخلاصة القول: لقد طرح الرفيق الأمين العام مادة غنية للحوار ستكون في تداولاتنا عبر فريق الحوار منهجاً للنظر والتأمل، وتعيين الرؤى التطويرية على طريق تجديد البعث وممارسته.