تقرير أممي يساوي الضحية بالجلاد
تقرير إخباري
دعا التقرير الصادر عن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في 23 شباط إلى المساءلة والعدالة بشأن الانتهاكات الخطيرة لقوانين الصراعات المسلّحة وغيرها من التجاوزات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من قبل كل الأطراف في غزّة والضفة الغربية، والقدس المحتلة، وشدّد مفوّض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك على ضرورة عدم السماح باستمرار الإفلات من العقاب، ومحاسبة كلّ الأطراف على الانتهاكات التي وقعت خلال 56 عاماً من الاحتلال و16 عاماً من الإغلاق الذي فرض على غزّة، حتى اليوم.
من الواضح أن تقرير المنظّمة الدوليّة متحيز بشكل فاضح، وتحديداً لجهة المساواة بين الجلاد الصهيوني والضحية الفلسطينيّة، ويتجاهل عن قصد أن العدو الصهيوني هو من اجتاح قطاع غزّة ويمضي قدماً في هجماته الوحشية ومجازره المروعة أمام مرأى العالم، وبشهادة المنظمات الدوليّة نفسها.
وحتى قيام فصائل المقاومة بعملية طوفان الأقصى لا يفترض من المنظّمة الدوليّة أن تلومها على ردّ فعلها، إذ لا يجوز تحويل الضحية إلى معتدٍ، والمعتدي إلى ضحية، فإزاء ما تقوم به “إسرائيل” ككيان استعماري استيطاني وعنصري وعدواني، قام بقوّة السلاح وجلب مستوطنين من شتى بقاع الأرض، بالاعتماد على دول الغرب الاستعمارية على حساب أصحاب الأرض من العرب الفلسطينيين، حيث زاحمت الفلسطينيين على كل شبر من أرضهم وانتهكت حرماتهم وكراماتهم ودمّرت بيوتهم وفرضت حصاراً خانقاً على قطاع غزّة منذ ستة عشرة عاماً وحوّلته إلى أكبر سجن في العالم، في ظروف صعبة للغاية.
إزاء ذلك كلّه، فإنّ الفلسطينيين هم الضحية، والمقاومة هي ردّة فعل طبيعية على الاحتلال والظلم، ولهذا فإنّ “إسرائيل” هي كيان إرهابي منظّم وهي المسؤولة عن إجبار الفلسطينيين على انتهاج سبل المقاومة المسلّحة الشعبية، إذ لم تترك لهم أيّ خيار آخر لانتزاع حريتهم وحقوقهم. ولهذا فإن من واجب منظّمة الأمم المتحدة أن تعزل “إسرائيل” وتفرض عليها عقوبات دوليّة، وأن تلاحق قادتها كمجرمي حرب أمام المحاكم الدولية، لأن المساواة بين الضحيّة والجلاد يعني منح المجرم الذي احتلّ الأرض وقتل وهجّر أصحابها حق الدفاع عن النفس! وهذا يتعارض مع المنطق السليم والقانون الدولي الذي يعطي حقّ الدفاع عن النفس لأصحاب الأرض ضدّ المحتل.
أما إذا أجازت المنظمة الدوليّة لنفسها أن تسمي الدفاع عن النفس بالعنف، فيجب عليها أن تميّز بين عنف المستعمِر، وعنف المستعمَر الذي هو وسيلة وخيار للدفاع عن النفس والأرض وسبيل لتحقيق هدف التحرير والتحرّر الوطني الإنساني.
د.معن منيف سليمان