السلاح النووي وازدواجية المعايير الغربية
طلال ياسر الزعبي
لا يختلف اثنان على أن الغرب بأكمله شريك أساسيّ في صناعة الأزمات التي يعيشها العالم، بل هو الصانع الأول لها من خلال سياسة الهيمنة والاستعمار التي انتهجها في مواجهة الشعوب الأخرى، وبالتالي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون جزءاً من حل هذه الأزمات، لأنه ببساطة يستمدّ أسباب بقائه منها.
ولما كان نزع السلاح، ولاسيما النووي منه، موضوعاً أساسياً على جدول أعمال الأمم المتحدة، كان على الدول الغربية دائماً تسييس هذا الموضوع للتعتيم على ما تمتلكه من هذا السلاح أولاً، ولاستخدامه شمّاعة لاستهداف دول العالم الأخرى التي ترفض الهيمنة الغربية.
ومن هنا، فإن الغرب الجماعي، الآن، ظهر عارياً في قضيّتين أساسيتين: الأولى رفضه فرض رقابة على سلاح “إسرائيل” النووي لتثبيت قاعدته المتقدمة في المنطقة والاستمرار في استنزاف طاقاتها، والثانية محاولته تمكين النظام النازي في أوكرانيا من شنّ حرب على روسيا الصاعدة بالوكالة عن الغرب والتلويح بين فترة وأخرى باستخدام السلاح النووي “التكتيكي”.
ووفقاً للواقع الحالي، يقوم الغرب بتقديم السلاح المدمّر لـ “إسرائيل” لإبادة الشعب الفلسطيني، كما يقوم في الوقت ذاته بإمداد النازيين الأوكرانيين بشتى أنواع السلاح لتدمير روسيا بالوكالة، ويرفض بأي شكل من الأشكال محاسبة الكيانين النازيين الصهيونيين على الجرائم التي يرتكبانها، وهذا يؤكد أن الغرب بطبيعته غير معنيٍّ بنزع هذا السلاح إلا في المكان الذي يخدم استمرار هيمنته.
وعلى هذا النحو، يستخدم الغرب سياسة المعايير المزدوجة في التعاطي مع القرارات والمعاهدات الدولية، فيعمد إلى الادّعاء أنه حريص على تطبيقها في مكان، ممارساً تسييساً ممنهجاً للقضية، وفي مكان آخر يتجاهلها ولا يعيرها أيّ اهتمام إذا كانت تسير في ركبه وتدعم توجّهه.
لذلك أكدت سورية “أن انعقاد الجزء الرفيع المستوى من مؤتمر نزع السلاح يشكّل فرصة استثنائية كي تجدّد الدول الأعضاء التزاماتها في مجالات نزع السلاح والحدّ من التسلّح، ولا سيما في المجال النووي” لتجنيب البشرية ويلات الحروب والفناء، وتعزيز الأمن والسلم الدوليين.
ومن هذا المنطلق، يُعدّ تجاهل ما يسمّى المجتمع الدولي تهديد ما يسمّى وزير التراث الإسرائيلي باستخدام القنبلة النووية، ضد أهالي غزة، دليلاً فاضحاً على النفاق الغربي وازدواجية المعايير التي يستخدمها لاستمرار هيمنته وقمعه للشعوب الأخرى، كما يُعدّ الدفاع الغربي المستميت عن المنظمات الإرهابية التي استخدمت هذا السلاح ضدّ الشعب السوري تواطؤاً كاملاً مع سيناريو الإبادة المستمر الذي تتعرّض له المنطقة على يد “إسرائيل” برعاية غربية.