رخصة واحدة لتربية السمك!!
وائل علي
هل من المقبول أن يكون لدينا محافظتان شاطئيتان وعشرات المدن والتجمعات الساحلية وموانئ الصيد النظامية وغير النظامية ومؤسسة للموانئ البحرية وهيئة بحثية بكوادرها المختصة بالبحث والاستزراع السمكي البحري والنهري، وعشرات القوانين والقرارات الناظمة لها، ونعاني كل هذا الشح والفقر والعوز السمكي المعمر وغير المقبول!؟
ومن المعلوم أن لدينا مئة وتسعون كيلومترا طوليا على البحر المتوسط بعمق ستة عشر كيلومتر من المياه الإقليمية السورية عدا المياه الدولية المفتوحة، والآلاف من الصيادين المهرة والأسر التي تعتاش على نواتج الصيد، ومئات الزوارق التي تتيح مجتمعة تحقيق وفرة وتنوعا سمكيا، لا قحطا، ولا تصحرا، كالذي نشهده ونعيشه، ولاننسى بطبيعة الحال عشرات الأنهار الغزيرة وسواقي المياه العذبة الدائمة الجريان وبحيرات السدود التي يفترض أنها ترفد وتغذي احتياجات استهلاكنا السمكي فترفع حصة الفرد من هذه القيمة الغذائية وتجعلها دائمة الحضور على الموائد بأرخص الأسعار..
لكن رياح السمك تجري بما لا تشتهي السفن، بعد أن غدت وجبة السمك منذ سنوات طويلة حكرا على أصحاب الجيوب، فتراجعت حصة استهلاك الفرد وفق النورمات المتداولة لتأمين اليود والأحماض الأمينية والفوسفور والمغنيزيوم الضرورية لصحة الأجسام، بما يقل عن الواحد كغ في العام…!؟
وهي نتيجة تبدو طبيعية ومنطقية إذا علمنا أن أردأ الأنواع التي تعرف بالشعبية، كالغبص والبالاميدا والبوري، تباع بما لايقل عن الخمسين ألف ليرة للكغ، فما بالك بالفاخر منها الذي يصل حدود المليون ليرة، كالسلطاني مثلا…!؟
إن معادلة فقرنا السمكي “الغريب” تجعلنا نفهم لماذا لم نستطع أن نبني أقفاصا لتربية السمك البحري، ولا أن نمنح أكثر من رخصة واحدة لتربية السمك، طالما أننا ندعي أن بحرنا فقير بالسمك، لنذهب بالتفكير حد اليقين أبن هناك أياد خفية تتحكم وتدير سوق السمك إنتاجا وتوزيعا وتشريعا، لتجعله حكرا على فئة تغتني وتثرى منه، وها هي الدول التي نتجاور ونتقابل ونتشاطأ معها ذات البحر المتوسطي تنعم بأسماكه الوفيرة وتصدره لنا بالطرق الشرعية وغير الشرعية عبر ذات الأقنية التي تدير أسواقنا…!؟