إمبراطورية الفوضى
تقرير إخباري
تتقن الولايات المتحدة الأمريكية لعبة ” فن الحرب” بدون قتال مباشر، فمن أوكرانيا إلى الشرق الأوسط، تعمل الولايات المتحدة على إشعال النار في مناطق محورية. ورغم أن الحرب بالوكالة ضد روسيا تتعثر، إلا أن الولايات المتحدة وحلفاؤها بدؤوا حرباً أخرى على غزة، حيث أصبحت الولايات المتحدة شريكاً في كارثة إنسانية، وزادت من احتمالات نشوب حرب على مستوى المنطقة.
لقد أسقطت “إسرائيل” 65 ألف طن من القنابل والصواريخ معظمها أمريكية منذ 7 تشرين الأول 2023 والتي راح ضحيتها أكثر من 14 ألف شخص من النساء والأطفال، ناهيك عن الإصابات الجسدية والصدمات النفسية لدرجة أن رئيس منظمة أطباء بلا حدود قال: “يخبرنا الأطفال الذين لا تتجاوز أعمارهم 5 سنوات أنهم يفضلون الموت”.
كان بمقدور الولايات المتحدة أن تمنع هذه الكارثة بسهولة، لكنها بدلاً من ذلك تساعد وتحرض “إسرائيل”، حيث استخدمت الولايات المتحدة منذ بدء الصراع حق النقض ضد قرارات وقف إطلاق النار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ثلاث مرات. علاوة على ذلك، فإن الولايات المتحدة لا تدعم حتى توصيل المياه والغذاء والدواء والوقود والكهرباء إلى غزة. كما قامت الولايات المتحدة بقطع التمويل عن “الأونروا”، وهي المنظمة الأكثر أهمية لمساعدة غزة حتى باتت ما يسمى “الحضارة الغربية” مجرد حضارة قذرة لا يتوقف الساسة ووسائل الإعلام في الولايات المتحدة عن التذمر بشأن حقوق الإنسان إلا عندما يتناسب ذلك مع أجندتهم السياسية.
إذا نظرنا إلى الصورة الكبيرة، سنجد أن تصرفات الإمبراطورية الأمريكية محيرة ومدمرة للذات، لكن من المؤسف أنه لا يوجد شيء محظور أو غير مسموح به على الإمبراطورية الأمريكية. لقد كانت وزارة الدفاع الأمريكية” البنتاغون” والمؤسسات البحثية الأمريكية يحلمون باستمرار بالهيمنة الأحادية القطبية الأبدية، ومن الأمثلة على غطرستهم كشف الجنرال الأمريكي ويسلي كلارك أن إدارة بوش، بعد أحداث 11 أيلول مباشرة، خططت للقضاء على سبع دول في الشرق الأوسط في غضون خمس سنوات، ولكن حتى بعد عقدين من المغامرات العسكرية الكارثية في تلك المنطقة، فإن النخب الأمريكية لم تتعلم شيئاً.
لقد كان من الأجدى بالنسبة للولايات المتحدة الالتفات إلى أزماتها الداخلية الغافلة عنها، حيث ارتفعت معدلات الفقر إلى عنان السماء، كما وصلت معدلات التشرد والانتحار إلى مستويات قياسية، وأصبحت البلاد مستقطبة للغاية . ورغم كل هذه الأزمات الداخلية، فإن المجمع الإعلامي الصناعي العسكري الأمريكي يقود الأمة إلى الهاوية، بينما يعرض بقية العالم للخطر.
عناية ناصر