دراساتصحيفة البعث

أهمية وسائل التواصل الاجتماعي في العمل الحزبي

التقى الرفيق الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي الدكتور بشار الأسد بالكتاب والأكاديميين البعثيين في الثاني والعشرين من شباط 2024، وأثار في اللقاء الذي استمر لأكثر من ثلاث ساعات مجموعة من النقاط الهامة على مختلف الصعد، ومنها الإشارة إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في الحياة العامة بشكل عام، والحياة الحزبية بشكل خاص لما لها من تأثير على عقول الناشئة.

وفي هذا السياق، أشار الرفيق الأمين العام إلى مسألة الفروق الزمنية التي أسهمت وسائل التواصل في تقليصها تقليصاً صارخاً، حتى لم يعد يشعر الواحد بتلك الفجوة الزمنية، فإذا كان الناس يقولون جيل الحربين، وجيل النكسة، وجيل الثمانينيّات؛ فإنهم باتوا يقولون اليوم جيل الفيسبوك، وجيل الإنستغرام، وجيل التيكتوك.

والسؤال المطروح اليوم هو كيف يمكن توظيف هذه الوسائل المعرفية في تنشئة أجيال تحب وطنها، وتتمسك بقيمها الوطنية والقومية، ولا تنجر وراء الدعوات الرسائل المبطنة المشبوهة التي تحمل قيم الليبرالية والنيوليبرالية؟ وما الدور المنوط بالمثقف البعثي اليوم ليكون فاعلاً ومؤثراً في ظل هيمنة هذه التطبيقات على عقول الناشئة؟

إيجابيات مواقع التواصل الاجتماعي

لقد بات معروفاً أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، مثلها مثل أي منجز علمي آخر، لا يمكن الاستغناء عنها استغناءً كاملاً، ولا يجب الخضوع لهيمنتها خضوعاً مطلقاً، وهذا يستلزم الحديث عن الإيجابيات والسلبيات التي تكتنف هذه الظاهرة.

تتعدد إيجابيات مواقع التواصل الاجتماعي في الكثير من المجالات وذلك إن أحسن الفرد استخدامها، فمن ذلك:

  • وسيلة لتشكيل رأي عام فعّال

تُعد مواقع التواصل الاجتماعي بما تؤمنه من تفاعل واسع بين المجموعات وسيلة لتشكيل رأي عام مساند لبعض القضايا، وهو الأمر الذي ينتج عنه تغيير إيجابي في بعض مناحي الحياة.

  • توسيع دائرة العلاقات الاجتماعية

مواقع التواصل الاجتماعي أداة مفيدة وفعّالة في تشكيل صداقات جديدة، وتسهيل التواصل مع الأصدقاء الذين انقطع الاتصال بهم، أو مع الأشخاص الذين لا يمكن مقابلتهم في الواقع، ممّا يوفر عناء الوصول إليهم.

  • تقليل الحواجز التي تعيق الاتصال

يُمكن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنقل الأفكار والآراء المتعلقة بموضوع معين لعدد كبير من الأشخاص بسهولة، وتساعد خاصية مشاركة الرأي المتاحة على وسائل التواصل الاجتماعي على فتح الأبواب لتبادل الآراء، وتوسيع فرص المشاركة في التعبير عن الرأي.

  • متابعة أخبار العالم

أدّى تطور شبكات التواصل الاجتماعي إلى عدم انتظار الأخبار على شاشة التلفاز، أو انتظار وصول الجريدة، بحيث يمكن معرفة آخر الأخبار والمعلومات من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.

سلبيات مواقع التواصل الاجتماعيِّ

لمواقع التواصل الاجتماعي سلبيات عديدة إن أساء الفرد استخدامها، ومن ذلك:

  • مخاطر الاحتيال أو سرقة الهوية

يمكن الوصول إلى المعلومات الخاصة التي تُنشر على الإنترنت من أيّ شخص، إذ يكون كلّ ما يحتاج إليه حينها عدد قليل من المعلومات للتأثير على حياة الشخص، فمثلاً يمكن لسرقة هوية الشخص الخاصة أن يُلحق ضرراً كبيراً به، ويتضمن هذا الخطر اختراق المعلومات الشخصية والتطفل عليها.

  • مخالفة منظومة العادات والتقاليد

تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي على منظومة العادات في المجتمع، وقد يؤدي الانفتاح الزائد الذي تؤمنه هذه المواقع إلى نشر قيم جديدة مخالفة لما اعتاد عليه المجتمع من عادات وتقاليد تشكّل هويته.

  • الانعزال والانطوائية

أصبح استخدام مواقع التواصل بديلاً للتفاعل الاجتماعي الحقيقي بين الأفراد، والمتمثل بالزيارات العائلية وحضور المناسبات الاجتماعية، بالإضافة إلى ما يقضيه الأفراد من ساعات طويلة على هذه المواقع مما أدى إلى إصابتهم بالعزلة.

  • المشاكل التربوية وتدني التحصيل الدراسي

يحصل الطلاب الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي بكثرة على علامات أقل، كما يمكن لوسائل التواصل الاجتماعية أن تتسبب بتعرّض الأطفال لمشاكل عديدة مثل تدني احترام الذات والقلق المستمر.

كيفية التقليل من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي

تتعدد أنواع مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أن لها الكثير من السلبيات كما ذكرنا سابقاً، ويمكن إتباع بعض الطرق التي من شأنها الحدّ من السلبيات الناجمة عن وسائل التواصل الاجتماعي بتقنين ما يقضيه الأفراد من وقت، ويكون ذلك بإتباع ما يأتي:

  • تطوير هوايات جديدة وتبني نمط حياة صحي

يقضي الأفراد أوقاتهم على شبكات التواصل الاجتماعي أحياناً هروباً من الفراغ، مما يعني أن تعلم مهارات جديدة مثل الرسم، أو القراءة، أو الكتابة، أو الموسيقى سيفيد الشخص في قضاء وقت أقل في تصفّح هذه المواقع عبر إشغال أوقاتهم في هذه الهوايات.

  • وضع خطة للتعامل مع هذه التطبيقات

من المهم معرفة كيفية استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، إذ إن وضع خطة يُخصَص فيها وقت محدد لاستخدام مواقع التواصل الاجتماعي إلى جانب ما تبقّى من نشاطات أخرى، والالتزام بها يُعدُّ سبيلاً إلى التخلص من قضاء وقت زائد على هذه المواقع.

  • استخدام أسلوب التصفية من وقتٍ إلى آخر

يوجد في بعض الأحيان أسباب مُلحّة للتواصل مع شخص ما في العالم الافتراضي، أمّا وجود أشخاص لا يوجد بينهم أيّ معرفة على الواقع فقد يُثير القلق، ممّا يعني أنّه من المهم القيام بحذف الأشخاص غير معروفين على وسائل التواصل؛ وذلك لتفادي ضياع الوقت، وخطر اختراق الخصوصية وغيرها من المشاكل. ويمكن كذلك تقليل عدد تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعية المُثبّتة على الجهاز إلى الشبكات التي تكون أكثر صلة بالعمل والحياة الشخصية، بما يؤدي إلى تقليل عدد الساعات التي يقضيها الفرد على وسائل التواصل الاجتماعي، والتركيز بشكل أكبر على الواجبات اليومية الأخرى الأكثر أهمية.

مما تقدم يجعل من الواجب على مراكز التثقيف الحزبية استلهام خطابات الرفيق الأمين العام، والاستفادة منها في معرفة فوائد وسائل التواصل الاجتماعي وأضرارها، في سبيل تنشئة جيل متمسك بقيم الوطن وتقاليده غير منجرٍّ وراء ما تحمله هذه الوسائل من رسائل ينحو بعضها منحى تشويه أو هدم قيم المجتمعات، وتشكيل وعي جديد تحكمه دول تريد نشر قيم العولمة والليبرالية.

د. علي الكلش

جامعة الفرات