زيادة الرواتب الأخيرة تعيد سقوف السحب إلى الواجهة.. التجاري: رفع السحبة الواحدة غير ممكن “تقنياً”
دمشق- ريم ربيع
ترافق الراتب الأول بعد زيادة الأجور التي صدرت مؤخراً، مع تضاعف مدة انتظار الموظفين والمتقاعدين أمام أجهزة الصراف الآلية التابعة للمصرفين التجاري والعقاري، حيث بات كلّ شخص يضطر للسحب مرتين على الأقل، بعد أن أصبح وسطي الراتب 350-400 ألف ليرة، مع استمرار سقف السحبة الواحدة بـ200 ألف ليرة، فرحلة البحث عن صراف يعمل أساساً، ومن ثم الانتظار الطويل بسبب الازدحام، أضيف لها انتظار كل شخص ليسحب الراتب –على هزالته- على جزأين أو ثلاثة! فضلاً عن سقف السحب اليومي المحدّد بـ500 ألف ليرة في المصرفين، ما يعني اضطرار بعض الفئات التي يزيد راتبها عن ذلك لقبضه على عدة أيام!.
مدير الدفع الإلكتروني في المصرف التجاري وسيم العلي أوضح أن سقف السحبة الواحدة 200 ألف ليرة، محكوم بعدد الأوراق النقدية التي تخرج من درج الصراف، فالعدد النظامي 40 قطعة نقدية، وزيادته أكثر من ذلك يزيد المخاطرة بأن بعض الأوراق قد لا تخرج بشكل نظامي، ولمنع تلك المخاطرة حُدّد لكل الصرافات العمل بنفس المعيار واعتماد 40 ورقة نقدية، مؤكداً أن سقف السحبة الواحدة هو ذاته لحاملي بطاقات التجاري الذين يتوجّهون للسحب من البنوك الخاصة، بموجب اتفاقات المصرف مع نحو 20 بنكاً، فهو 200 ألف ليرة بعمولة 1000 ليرة، والرقم ذاته يشكل سقف السحب اليومي من تلك الصرافات الخاصة.
أما سقف السحب اليومي من صرافات التجاري فهو 500 ألف ليرة، ويحتاج الصراف 3 عمليات لسحب المبلغ اليومي، لذلك –أوضح العلي- أن المصرف وفر نقاط البيع في كل فروعه، بحيث تعطي الـ500 ألف ليرة دفعة واحدة، وذلك لتخفيف الضغط بحسب الحاجة والازدحام، رغم أن هذا ليس الهدف الأساسي لوجودها، لكن اتبعت هذه الآلية للحدّ من الازدحامات، فعدد البطاقات كبير ويحتاج عدد صرافات جيد لتخديم كل الزبائن، إذ يبلغ عدد الصرافات العاملة 383 صرافاً، فيما يوجد نحو 1.1 مليون بطاقة فعالة، ما بين موظفين ومتقاعدين، مؤكداً أن قرار رفع السحب اليومي يعود للمصرف المركزي.
وفي الوقت الذي يربط فيه البعض بين حفاظ المركزي على سقوف السحب المنخفضة، وتوجهه لتقييد المعروض النقدي في السوق، رأى الخبير المصرفي الدكتور علي محمد أن الموضوع تقني أكثر مما هو يتعلق بالمعروض النقدي، فكتلة الرواتب هي ذاتها بكل الأحوال، وستضخ بالأسواق سواء سحب الراتب بيوم أو يومين، خاصة وأن كلّ أصحابها بحاجتها للاستهلاك المباشر، لذلك فالسبب أقرب ليكون تقنياً يتعلق بسعة الصرافات، وقدرة كل بنك على التغذية المستمرة لها، لافتاً إلى أن الضغط على البنوك الخاصة عادي جداً مقارنة بالمصرفين التجاري والعقاري.
وبالعودة إلى عمل المصرف التجاري لحلّ الاختناقات مع بداية كل شهر، أوضح العلي أن هناك خططاً دائمة لتطوير عدد الصرافات، وحالياً المصرف بصدد توريد 50 صرافاً جديداً لتدخل بالخدمة مع النصف الثاني من العام، وسيتمّ توزيعها بحسب مناطق الضغط السكاني والكثافة، وكذلك توفر البنى التحتية الملائمة، مشيراً إلى أن توريد الصرافات يتطلب إجراءات طويلة ومعقدة، أما بالنسبة لتغذيتها، فهي بمعدل وسطي وحسب توفر الأوراق النقدية نحو 40 مليون ليرة باليوم، وبعض الصرافات تغذّى عدة مرات باليوم الواحد، بحسب توفر التغذية الكهربائية إن كانت مستمرة، موضحاً أن الصعوبات بالتغذية لكل الصرافات تتعلق بالتوزع الجغرافي والمسافات الطويلة فيما بينها في بعض الأحيان، مما يتطلّب كادراً بشرياً مع سيارات مصفحة لنقل الأموال، وكلاهما غير موجود كفاية، كما أن تغذية الصراف تتطلب جرداً، وفي غياب الكهرباء قد يحتاج هذا الأمر يوماً كاملاً لتغذية صراف واحد.
ولفت العلي إلى أن التوجّه اليوم لاستثمار الدفع الإلكتروني لأبعد الحدود، فانتشار نقاط البيع بالمحال التجارية، ودفع الفواتير إلكترونياً، ستخفّف الحاجة للكاش في حال توفر الثقافة الكافية لدى المجتمع، معتبراً أن تطبيقه خفّف إلى حدّ ما من الازدحام لسحب الكاش، دون أن ينكر أن الرواتب الحالية لا تلبي حاجة المواطن لذلك يضطر لسحب كامل المبلغ، فيما اعتبر الدكتور محمد أنه ضمن توجّه الحكومة للدفع الإلكتروني -الذي لا يزال يحتاج الكثير من القرارات ونشر الثقافة- فالمفترض الوصول إلى مرحلة لا يضطر فيها المواطن إلا لسحب جزء بسيط من راتبه، لكننا بعيدون جداً عن هذه المرحلة، فهي تتطلّب وقتاً وبنى تحتية، وبجولة على المنشآت التجارية والسياحية نرى أن عدد نقاط الدفع لا يزال متواضعاً، كما أننا نتحدث عن مواطن بدخل محدود، وبحاجة كل ليرة من راتبه، فلا يمكن اعتبار هذه الخطوات صحيحة من دون معالجة الرواتب والتضخم، إذ تشكّل تضييقاً على المواطن بالوضع الحالي لا أكثر.
وفيما يتعلق بالربط ما بين المصرف التجاري والعقاري الذي أثار الكثير من اللغط مؤخراً حول إتمام إنجازه أم لا، أوضح العلي أن كلا المصرفين جدّدا منظومة الربط، مما يتطلّب إعادة الربط بموجب المعايير الجديدة، وحالياً أصبح المصرف بالمراحل الأخيرة لبدء العملية، إذ تبقى إجراءات إدارية وإكمال تسوية القيود المالية، وعند إتمامها سيتمّ الإعلان عن الربط بين المصرفين رسمياً، مؤكداً أنها آلية تخفّف الكثير من العبء على المواطنين نظراً للانتشار الجغرافي للصرافات.