دراساتصحيفة البعث

“أربعائيات بحكم المنطق … ولاشيء غير المنطق” القاعـــدة .. والاستثنــــاء

مهدي دخل الله

إذا كانت القاعدة في السياق سيئة، فإن استثناءها ايجابي وبطولي بكل ما في الكلمة من معنى .. والعكس صحيح بالطبع. بلدنا كان استثناءً ايجابياً من قاعدة سلبية في سياق التاريخ المعاصر. 

/13/ عاماً من الحرب، متعددة الوسائل، على سورية.. وعامان من الحرب في اوراسيا، دمار وتضحيات من جميع الأنواع، إنها الآلام الناتجة عن حشرجة النظام الدولي أحادي القطب، مضافاً إليها الآلام الناتجة عن ولادة النظام الجديد .. آلام موت وآلام ولادة.

لم يستطيعوا تقسيم سورية في إطار عملية الموت – الولادة هذه. إنه من أعظم ما قام به الشعب السوري في حماية وطنه من التقسيم. عند ولادة النظام ثنائي القطب 1945 – 1953 تم تقسيم ألمانيا وصياغة الدول الأوروبية وفق رغبة القطبين، أي السوفييت والأمريكان. وفي العملية نفسها تم تقسيم الشعب الواحد في كوريا إلى دولتين متنازعتين حتى اليوم، ناهيك عن تقسيم الصين إلى تايوان (ما يسمى بالصين الوطنية) والصين الشعبية، وكذلك تقسيم فيتنام إلى شمالي وجنوبي …

أما عند ولادة النظام أحادي القطب فالضحية كانت يوغوسلافيا حيث تم تقسيم شعبها إلى ست دول متنازعة، إضافة إلى كوسوفو المنفصلة عن صربيا..

سورية البلد الوحيد الذي نجا في عملية موت القطب الأوحد وولادة النظام الجديد. هي ليست منّة من أحد في هذا العالم، صديقاً كان أو عدواً، إنها مأثرة شعب سورية وجيشها وقائدها. فالدولة  لم تسقط كما حدث في التجارب السابقة، والرئيس لم يرحل لينجو بنفسه كما فعل كثيرون، بقي مع شعبه في أصعب الأوقات، وفي أعتى أشكال المعاناة، عندما كان الأصدقاء والأعداء يعتقدون أن الحالة السورية بلا أمل، وأن القاعدة ستنطبق عليها كما انطبقت على غيرها.

لكن الشعب السوري ماهر في حرفة ” استيلاد الأمل من رحم الألم” وهي حرفة تخضع لقوة القلب وللتقاليد التاريخية أكثر مما تخضع لحسابات العقل البارد، حسابات التوازنات والمقارنات. سوف يفخر الشعب السوري دائماً بأنه الاستثناء في هذا السياق التاريخي الذي عاشه عالمنا منذ بداية القرن العشرين.

المعركة لم تنتهِ بعد، والانتصار الناجز مازال ينتظر، ومازالت مناطق سورية خاضعة للإرهاب والاحتلال في أبشع صوره. لكن الهدف الأساسي للحرب الذي هو إخضاع سورية عبر تقسيمها أصبح خلفنا تماماً. وما بقي، على الرغم من صعوبته، هو أكيد مع شعب استطاع القضاء على علّة الحرب وجوهرها.

mahdidakhlala@gmail.com