الحقيقة المرة!!
معن الغادري
عندما يغيب التنسيق والتعاون بين الجهات والمؤسّسات الرسمية، من الطبيعي أن تأتي النتائج عكسية ومضرّة؛ وعندما يتمّ التراخي في التعامل مع الملفات والقضايا الحسّاسة، وغضّ النظر عن الكثير من الممارسات الخاطئة والمؤثرة، وإدراجها تحت بند حسن النيّة، فهذا يدلّ دون أدنى شك على وجود خلل كبير في ضوابط العمل الإداري والمالي والتنفيذي. وهذا الخلل بدأ يتعمّق أكثر فأكثر ليبدو أكثر وضوحاً من أي وقت، مع ترك الحبل على الغارب أمام من يتقن استثمار الفرصة واللحظة، من الفاسدين والمتطفلين والانتهازيين، وهم الأكثر حضوراً وفاعلية، ويتكاثرون داخل وخارج خريطة العمل المؤسساتي المنهكة أصلاً، ليوسعوا دائرة نفوذهم واستغلالهم -للفرصة واللحظة- غير مكترثين بالمحاسبة أو الملاحقة القانونية، لأنها غائبة أو مغيّبة لا فرق.
هذه الحقيقة المرّة تدفعنا للمطالبة مجدداً بضرورة ترميم ما تهالك من جسم منظومة العمل المؤسساتي، وفي أسرع وقت، عبر إجراءات صارمة وحازمة، ومقاربات جديدة مبنية على أسس متينة وصلبة غير المعمول بها حالياً، وأن يكون المعيار الحقيقي لأي صيغة عمل جديدة هو الكفاءة والمهارة والترفع عن المصالح والمنافع الشخصية. ولعلّ الفرصة متاحة اليوم أكثر من أي وقت مضى لتشخيص الواقع بكثير من الجرأة والشفافية، بهدف تصويب الخلل، وتصحيح مسارات العمل، وهي مسؤولية وطنية بامتياز تقع على عاتق الجميع دون استثناء، أفراداً وجماعات، وتقع أيضاً على عاتق الجهات المعنية والمطلوب منها خلع عباءة الروتين والتنظير، والتعامل مع المستجدات والمتبدلات والظروف الطارئة والضاغطة بكثير من الجدية والإرادة والجرأة في إحداث الفارق والتغيير، وبما يعيد لمنظومة العمل المؤسّساتي المكانة والهيبة المفقودتين.
وفي هذا الإطار، وفي موازاة ما تشهده سورية من حراك إيجابي على مختلف الصعد، نجد من المفيد إجراء تقييمات جدية غير منحازة لأداء المؤسّسات والمديريات لفرز الغث من السمين.