المرأة في عيدها.. إنجازاتٌ ومكانة مرموقة
د.معن منيف سليمان
يحتفل العالم باليوم العالميّ للمرأة في الثامن من شهر آذار من كل عام، للدلالة على احترام وتقدير المرأة والتذكير بالإنجازات السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة التي حقّقتها المرأة عبر العصور، وتشجيعاً للمساواة بين الرجل والمرأة، ونبذ التمييز بين الجنسين في كلّ جوانب الحياة.
واعتمدت منظّمة الأمم المتحدة اليوم العالمي للمرأة لأوّل مرّة سنة 1977، ليتحوّل هذا التاريخ إلى رمز لنضال المرأة وحقوقها يحتفل به سنوياً، وذلك على الرّغم من أنّ بعض الباحثين يرجّح أنّ اليوم العالمي للمرأة كان إثر بعض الإضرابات النسائيّة التي حدثت في الولايات المتحدة، حيث تظاهرت النساء تنديداً بظروف العمل القاسية.
وفي هذا اليوم تُقام مجموعة من الفعاليات احتفاءً بيوم المرأة العالمي في كلّ عام، فتُعقد المؤتمرات والندوات التي تتخلّلها موائد الطعام بحضور نُخبة من النساء من القيادات السياسيّة والمجتمعيّة، بالإضافة إلى عددٍ من النساء البارزات في مجال التعليم والتجارة وغيرها، ولعلّ أبرز القضايا التي يتم بحثها في هذا المجال حقّ المرأة في العمل ومكافحة العنف ضدّها، وحمايتها مع أطفالها زمن الحرب، وضمان حقوقها الأساسيّة بما في ذلك الحق السياسيّ والمساواة في ظروف العمل وغير ذلك من القضايا التي تقرّب المسافة بينها وبين الرجل.
فعلى الرّغم من التقدّم الحضاري والإنساني الذي وصلت إليه الشعوب، لا يزال هناك رواسب قديمة تحكم العلاقات بين الرجل والمرأة، ولا تزال الفجوة واسعة بين الجنسين، ولهذا تعمل المؤسّسات الدوليّة والمحليّة على إغلاق هذه الفجوة التي يبدو أنها تحتاج إلى مزيد من الوقت والعمل الدؤوب ونشر الوعي.
ويهدف اليوم العالمي للمرأة إلى التعجيل بأهداف جدول عام 2030، ولا سيما تحقيق المساواة بين الجنسين وضمان تقديم التعليم الجيّد للمرأة، والقضاء على العنف الذي يمارس ضدّها، وكل أشكال الاستغلال للمرأة مثل الاتجار بالبشر، والاستغلال الجنسي وتمكينها اقتصادياً.
وبشأن المرأة العربية لا تزال النساء في بعض الدول العربيّة ذات الأنظمة الرجعية يخضعن لسيطرة نظام وصاية الرجل على المرأة، وما زالت هناك قيود كثيرة تكبّل النساء في الوطن العربي وتحدّ من مشاركتهن في قوّة العمل، مثل البيئة التحتيّة غير الكافية، وموانع قانونية تحول دون تقدّم النساء، وأعراف اجتماعية تمنع مشاركة النساء في القوى العاملة، وقيود حكومية على الأعمال الصغيرة، ومقاربات قديمة للمخاطر والتسليف، وقواعد وسلوكيات قانونيّة وثقافية وماليّة تجعل من الصعب على النساء الالتحاق بالمؤسّسات التعليميّة والبحث عن عمل بحريّة.
أما بالنسبة للمرأة السورية، فقد حصلت على الكثير من الحقوق المتعلّقة بها خلافاً لنظيراتها في الدول العربية وبلدان العالم الثالث الأخرى، ولا سيما حق حضانة الطفل.
ومنذ القرن الماضي حقّقت المرأة السورية إنجازاتٍ عظيمة، فقد تكوّنت حركة من أجل حماية حقوق المرأة في سورية شملت سيدات المجتمع والنساء المتعلّمات. وخلال عام 1967 تكوّنت منظمة شبه حكومية دعيت باسم “الاتحاد العام للمرأة السورية”، وهو تجمع يضمّ عدّة جمعيات نسائيّة في سورية.
وخلال منتصف القرن الماضي أيضاً حصلت المرأة السورية على حق الإدلاء بصوتها والمشاركة في الانتخابات والترشيح لعضوية مجلس الشعب، وحصلت على نسبة 12 بالمئة من المقاعد في مجلس الشعب مطلع هذا القرن، وعلى حقّها في التعليم دون تمييز عنصري وتخرّجت في الجامعات السورية بكل الاختصاصات، وشاركت في القوى العاملة إلى جانب الرجل، ودخلت كمتطوعة في الخدمة العسكريّة وبلغت رتباً عسكريّة عليا، كما تقلّدت مناصب رفيعة في الدولة مثل منصب نائب رئيس الجمهورية، ووزير في الحكومة ومدير في مؤسّسات الدولة المختلفة.
وتجدر الإشارة هنا إلى وضع المرأة السوريّة في المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابيّة التي يغلب عليها الفكر الرجعي، ولا تعترف بالقوانين الوضعيّة، ولا تقيم وزناً للاتفاقيات الدوليّة والقانون الدولي وحقوق الإنسان، فإنّ المرأة في هذه المناطق تعيش واقعاً صعباً للغاية يشمل النظرة الدونيّة التي تجرّدها من إنسانيتها ولا تعترف بأيّة حقوق لها.
وختاماً، الاحتفال بيوم المرأة من كلّ عام يعطي فرصة للاستماع إلى صوتها ومطالبها بحقوقها على كل الصعد وتقديم الحلول للمشكلات والعقبات التي ما زالت تواجهها في حياتها.