المركزي وسيناريو “العبث الفيسبوكي”!
حسن النابلسي
أغلب الظنّ أن ثمّة توافقاً على ثبات سعر الصرف واستقراره في السوق الموازية، وأن المصرف المركزي يحاول مقاربة السعر الرسمي لصرف الحوالات مع هذه السوق، ما يعني بشكل أو بآخر أن المركزي يحاول ضبط التذبذبات الحادة لسعر الصرف، ولربما نجح، نسبياًـ في هذا الاتجاه!.
نحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن المركزي، بقدر ما سنحاول كشف ما يتعرّض له من انتقادات هدامة تحاول النيل مما يبذل من جهود من وراء الكواليس، في وقت لم تظهر فيه أصوات أبطال هذه الانتقادات عندما جنح سعر الصرف إلى مستويات خطيرة نتيجة ظروف استثنائية لها علاقة بالدرجة الأولى بالظرف الدولي والتوترات الجيوسياسية في فترة سابقة!
نذكر أنه، في عام ٢٠١٦، وعند اقتراب الاستحقاق الدستوري لانتخابات مجلس الشعب، شُنّت حملة فيسبوكية على مصرف سورية المركزي من قبل بعض مدّعي الخبرة الاقتصادية، تحت زعم أن المصرف أساس العلة والتراجع الاقتصادي الذي تمرّ به البلاد والعباد، متجاهلين أن المصرف في النهاية هو مكوّن من مكونات الدولة السورية، وأنه يعمل ضمن فريق عمل اقتصادي، إن صح التعبير، له مهامه المحدّدة المتعلقة بالدرجة الأولى برسم السياسة النقدية الرامية إلى تحقيق الاستقرار النقدي وضبط سعر الصرف في ضوء كافة القرارات الاقتصادية الصادرة عن الحكومة.
ونذكر أيضاً أن المصرف، في عام 2016، نجح – في حقيقة الأمر – بضبط سعر الصرف وإعادته للتوازن الذي كان يراه مقبولاً. واليوم السيناريو ذاته يتكرّر بهجوم عبثي “مسرحه الفيس بوك” من بعض مدّعي الخبرة الاقتصادية، في محاولة منهم لإتحاف الرأي العام بمقالات ذات جوهر اقتصادي مزيف، معتمدين بذلك على “كلمات حق يراد بها باطل”!
فبعض مدّعي الخبرة الاقتصادية كانوا يوماً ما أصحاب قرارات اقتصادية، ومؤثرين بالحياة المعيشية على المستوى العام للمواطن، وسبق لهم وأن أتحفوا المواطنين بعبارات طنانة وكبيرة، والنتيجة كانت فقدان مواد لم يسبق لها أن فقدت من السوق أبداً نظراً لإنتاجها الوفير محلياً، وهؤلاء لم يدخروا جهداً بانتقاد السياسة النقدية ومحاولاتهم الزجّ باقتراحات وحلول أقل ما يقال عنها “إنها غير منطقية”!
سبق وأن أشرنا، في أكثر من مناسبة، إلى أن المركزي ليس هو المعنيّ الوحيد بتحسين سعر صرف الليرة، “رغم أنه اللاعب الأبرز”، إذ تتشارك معه كلّ الوزارات الاقتصادية المعنية بتعزيز الإنتاج، إضافة إلى القطاع الخاص.
وهنا، لا بدّ من الإشارة إلى اشتغال المركزي على مسألة التشبيك مع القطاع الخاص لمنع تسرّب القطع الأجنبي خارج البلاد، والاتفاق معه على تمويل استيراد بعض المواد من قطع التصدير الذي يملكه القطاع الخاص. ونعتقد أنه نجح إلى حدٍّ ما في هذا الاتجاه، كما أنه لا يجب أن نغفل ضرورة عدم الإفصاح عن بعض الإجراءات التي يتخذها المركزي، نظراً لحساسيتها وتفادياً لانعكاساتها السلبية المحتملة.
hasanla@yahoo.com